كبرت كثيرا .....
أُدرك تماما بأن البدايات الجيدة ليست بالضرورة مؤشرا حسنا
يمنحنا الإيمان بنهايات مميزة , تعلمت أن لا أثق
بالخطوة التي تحملني بثبات منذ أول محاولة , كنت أُردد بيني وبين نفسي
بأنني
ان لم أسقط مبكرا سأسقط
متأخرة ..
كنت طفلة بخيال خصب جدا حد الإيمان بالأمير الضفدع
وبجنية الأسنان , وكلما أخبرتني
أمي بأن الرسوم
المتحركة مجرد صور يرسمها فنان ما ليكسب رزقه أضحك
وأُردد بصوت خافت :مسكينة أمي خدعوها:
آمنت بالضحك الكرتوني وصدقت أن السحاب كالدرج تماما
قد نخطو فوقه ان غمرنا الفرح حد الجنون ,
وكنت أنظر للسماء بشوق طفلة تنتظر فرحا استثنائيا
ليأخذها الى حيث السحاب والمطر , أحببت المطر أيضا
و كنت أراه بكاء السماء حنينا لوقع أقدامي على سحابها !!
ساذجة أفكاري ومستحيلة الآن أحلامي
لا أخجل من إحساسي , هذا ماتعلمته
من طفولة ممتلئة احساسا بكل شيء وحبا لكل الناس ..
لم تعلمتني أمي كيف أكبح جماح مشاعري, وكيف لا أندفع بجنون
فرحا بكل شيء
وكيف لا أنهار غضبا من
أي شيء , تركت احساسي يكبر بلا
رقيب ليتعلم وحده , يتألم وحده , وليلملم جراحه
بخبراته القليلة عن حياة
كان مفتونا فيها ..كل شيء تعلمته
ذات طفولة كان صفعة صغيرة على وجه احساسي جعلته أكثر صلابة
ولللأسف أكثر اندفاعا أيضا , كنت
ومازلت مؤمنة أن مشاعرنا خلقها الله لتكون أقوى منا لتفعل كل ما نعجز نحن
كبشر عن فعله , لتكون رسائل بين قلوبنا ووسيلة للتخاطب
أرقى بكثير من كلماتنا , آمنت بأن
الاحساس
ملكا للروح وبما أنها من أمر ربي فلا
سيطرة لي على احساسي ولا فائدة من تقييده وقررت أن
أمنح الضوء الأخضر
للفرح المجنون وللحزن القاتل , لللأمل المتعثر بحصى اليأس , قررتُ أن أكون أنا مهما حدث
ومهما حاولت
الظروف العبث بملامح ذاتي , وعدتُ نفسي أن أعيش
غربة لا تنتهي الا عند بابي وضياع لا يتوقف الا عندي
كنت أُدرك تماما ما معنى أن نثق بأنفسنا
وماالفائدة من تعلقنا بمبادئنا وكلما تعثرت رددتُ ماكان
أبي يلقنني اياه
دائما "واثق الخطوة يمشي ملكا " كنت أشعر دائما
بأنني ملكة لا مملكة لها ووطنا لا سكان
يُعيثون فسادا
على أرضه , ايماني باحساسي أجمل ما كان
يُميزني وأسوأ ما يتعلقُ بي الان , مخيف جدا أن يصدُق
احساسك
دائما فتعرف مقدرا محبة من حولك لك
وتُدرك متى تنتهي علاقة احدهم بك , مؤلم أن تنظر
في عين أحدهم
وهو يتلو آيات الحب أمامك وأنت تقرؤُ
الزيف مكتوبا بوضوح ببريق عيناه
ومسطرا بشبه ابتسامة شفتاه ,
كبرتُ كثيرا الآن ربما اكثر من سنين عمري
وأكثر بكثير من اعتدال ملامحي .....
خدعتني المرآة كنت أظنها لا تكذب
وبأن أي صورة تعكسها لابد أن تكون حقيقة لا تقبل التزييف والآن بعد عمر
طويل قضيته اختلس النظراليها وأنا
التي لا تُثيرها المرايا ولا يُشغل وقتها تتبع
أثر المكياج على وجهها اكتشفت
بأنها ككل من عرفتهم ُخبيء وجها
آخر وتُداري خيبة الملامح وذبول الابتسامات , اكتشفت بأن المرآيا كلها تحفظ
أسطورة زوجة الأب الشريرة وتمنح كل من يقف أمامها غرورا يكفيه يوما كاملا لا يحتاجُ لتجديده
الا اذا تغيرت
صورته,كبرت كثيرا وصرت أبحث الآن
عن أسرار المرايا, والطريق, وفنجان القهوة , كبرت الى الحد الذي
ماعادت تستهويني الحفلات الصاخبة
والموائد العامرة والقصص الغريبة , كبرت أنا أو ربما كبر قلبي وصار
ناضج جدا حد الجنون وربما حد السذاجة أحيانا ..
كنت كلما تعثرت أعرف كيف أقف من جديد
وكلما تبعثرت أُدرك الطريقة الأفضل للملمة
احساسي ومداوة
أوجاعي , مختلفة أنا الآن ربما ثباتي
المبالغ فيه انكسر وصبري هرِم وضاق
ذرعا بي, أصبحتُ
هشة كورقة خريف تهرب من رصيف إلى
آخر لتنجو من أقدام العابرين , أصبحت خائفة كآخر شعاع شمس
يتشبث بذيل ثوب ليتسلق بعيدا عن الظلام , أصبحت
متعبة كطفلة تركض بين ألعابها تتعثر
وتقف وتتعثر من
جديد , أصبحت تائهة كقطرات مطر
رحلت عنها الغيوم فتبعثرت
على بقاع الأرض, مختلفة أنا الآن بك وغريبة
بدونك , جئتني لتوقظ مانام من
احساسي بي , علمتني أن أُحب نفسي
من أجلك أكثر , أن أحترم احساسي
المتعلق بدنيا تحملك أكثر وأكثر , أخبرتني
بأنني أُنثى لا تتكرر وبأن حضوري كالمطر
وغيابي كصيف لا نهاية
له , جعلتني أسخر من جراحي التي كانت
معي قبلك ,و أتجاهل همومي التي كنت
أحسبها هموما من غيرك ,
كنت قبلك أُنثى يُهمها لون ثوبها أكثر من
اهتمامها بمن ينظر اليه , ويضيع وقتها
في تنسيق الألوان بحثا
عن حقيبة مناسبة وحذاء مميزوتنسى غالبا
مكان الحفل والمعازيم , لم أكن سطحية
ولكنني لم أُدرك وقتها
بأن الألوان لا تصنع شخصية وبأن لون الثوب
لا يُغير لون الاحساس وعُمقه , معك أصبحتُ
مختلفة أُفكر
فيمن ألتقي قبل أن أُفكر بلون ثوبي ووشاحي
وحجم حقيبتي , أُرتب احساسي بالجميع
قبل أن أُرتب
خصلات شعري ,
تركت نفسي لك بكل مافيها لتُعيد ترتيبي
لتربيني من جديد ,تربي إحساسي
الذي كبر مشردا بلا رقيب , كنت
رحيما بي ومازلت , حاضرا أو غائب أجدك
تربت برفق على المتعب من احساسي ,
أُحبك لأنك ربيت احساسي فصرت مختلفة
بك , لأنك احتويتني عندما ضاقت بي الدنيا
على اتساعها , لأنك
فهمتني عندما عجز الجميع عن فك طلاسم احساسي , أحبك لأنني ماوجدت من يستحقني
سواك وماعرفت رجلا
أخذني مني كما فعلت انت , أحبك لأن الله
حملني امانة حياة لا شيء صار يُغريني
لأعيشها الا وجودك , قدري
أن أكون لك , وفية حتى لسماء
تحتضنها عيناك , وأرضا تُقبلها أقدامُك ..
احبك يا دافئا كصوت فيروز
يا كثيرا كدموع حنيني لوجودك
يا عميقا كوجعي من دنيا أخذت مني وما أعطتني إلا القليل