إن المتأمل والمتفحص لغالب مجالس الناس اليوم ذكورا وإناثا
يجدها مليئة بفاحشة نكراء وجريمة بشعة وإثم شنيع
يراها بعض العلماء من كبائر الذنوب (الغيبة)
قال القرطبي رحمه الله
(لا خلاف أن الغيبة من الكبائر
وأن من اغتاب أحدا عليه أن يتوب إلى الله عز وجل )
واسمع الى رسولنا الكريم وهو يروي لنا العذاب الأليم الذي أعده الله
لمن يقع في أعراض الناس عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ
قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( لما عرج بي ربي عز و جل
مررت بقوم لهم أظفار من نحاس ، يخشمون وجوههم و صدورههم
فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟
قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون في أعراضهم ))
وتأمل معي أخي الحبيب هذا الحديث جيدا ...
( لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ)
هل سالت نفسك لماذا كل هذا العذاب الأليم ؟
ثم لم كان العذاب على الوجه والصدر ؟
أليس يوم القيامة الجزاء يكون من جنس العمل ؟!
فلماذا لم يعذب اللسان الذي تكلم بالغيبة ؟
أليس هو الذي أورد الإنسان المهالك ؟
أليس هو الذي أوصل صاحبه إلى هذا العذاب ؟
هل سالت نفسك هذا السؤال ؟
أخي المسلم .... أخي المسلمة
عندما بحثت عن شرح هذا الحديث وجدت الجواب وهو
جعل الله العذاب على الوجه والصدر حتى لا يظلم أحدا
فيوم يجلس المغتاب في المجالس وأمام الناس
ويتكلم على أخيه بأن فيه كذا وكذا ، وهو يعمل كذا وكذا
فهو أراد من خلال كلامه أن يشوه صورته أمام الناس
أن يشوه سمعته أمام الناس
فأراد الله معاقبته بنفس العمل
فجعل له أظافر من نحاس يخمش بها وجهه وصدره
كي يشوه صورته كما شوه صورة أخيه في الدنيا
والجزاء من جنس العمل ولا يظلم ربك أحدا
فعلى المرء أن يجاهد نفسه وينهها عن الغيبة وغيرها من الذنوب
وليكن قائدنا في ذلك خوف الله وتقواه
واسمع إلى الصالحين من هذه الأمة
كيف جاهدوا أنفسهم في حفظ ألسنتهم من الغيبة
جاء في ترجمة عبد الله بن وهب
الإمام العَلَم المفرد المفتي
وهو تلميذ الإمام مالك رحمه الله أنه قال: نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أصوم يوماً
-يريد أن يكف عن الغيبة ويؤدب نفسه-
قال: فكنت أغتاب وأصوم، فأزهدني الصوم
فنذرت أنني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم
قال: فمن حبي للدراهم تركت الغيبة.
وقد أحسن الإمام الشافعي، رحمه الله، حين قال:
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى ودينك موفور وعرضك
صيّن لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلّك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً
فدعها وقل :
يا عين للناس أعينُ
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ