ادخل فسلم عليهم ، فإن في الزوايا خبايا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مكور الليل على النهار
ومكور النهار علي الليل
تذكرة وعبرة لأولي الألباب
وأصلي وأسلم على النبي المصطفى
والرسول المجتبى
محمد بن عبد الله ، وبعد :
في ظل زحمة الحياة
صخب وعطب
أسماء تصعد وتهبط
كم ارتفع من اسم حتى صار ملء سمع الدنيا وبصرها
وكم طوت الذكريات من أسماء بادت بعد أن سادت
في ظل كل هذا ، وذاك ، وهناك ... بعيدا هناك
تجد واحدا من هؤلاء العظماء بحق
لم يصفق له المصفقون
فمن يعرفه والدنيا مشغولة بغيره ممن رفعت لهم الأعلام .
بل إنه إن نودي على هذا العظيم بحق كان من يجهله أكثر ممن يعرفه .
قال ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صيد الخاطر :
تأملت أحوال الفضلاء ، فوجدتهم ـ في الأغلب ـ قد بُخسوا من حظوظ الدنيا ، و رأيت الدنيا غالباً ـ في أيدي أهل النقائص . أ . هـ كلامه رحمة الله عليه .
فسلام الله على هؤلاء الأصفياء الأنقياء
سلام الله عليهم حين لم يذكرهم من البشر أحد
وسلام الله عليهم حين اشتغلوا بذكر الواحد الأحد
طوبى لهم ، وربهم هو القائل : أنا جليس من ذكرني .
ألا أيها الغرباء المطوي ذكرهم في دار المهانة
هنيئا لكم فقصوركم هناك في دار الكرامة
لقد بحثنا عن أسمائكم بين أسماء أذيعت
فرأيناها في طي النسيان قد أضيعت
فلما ناديناكم رفضتم عند البشر الذكر
وآثرتم أن يكون عند الله الذخر
" فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "
نادى عمر بن الخطاب على أويس القرني ، فقال له: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم. قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم.قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل، فاستغفر لي، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة. قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي، فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس، فقال: تركته رث البيت قليل المتاع . رواه مسلم في صحيحه .
هذا هو مجاب الدعوة أويس القرني ، وهو علم من أعلام هؤلاء العظماء .
فأجل بصرك لترى في الزوايا خبايا
، وارع سمعك لتسمع عن هؤلاء :
يقول عنهم ابن الجوزي رحمه الله :
رجال مؤمنون ، و نساء مؤمنات ، يحفظ الله بهم الأرض ، بواطنهم كظواهرهم ، بل أجلى ، و سرائرهم كعلانيتهم ، بل أحلى ، و هممهم عند الثريا ، بل أعلى .
إن عرفوا تنكروا ، و إن رؤيت لهم كرامة ، أنكروا . فالناس في غفلاتهم ، و هم في قطع فلاتهم ، تحبهم بقاع الأرض ، و تفرح بهم أملاك السماء . نسأل الله عز و جل التوفيق لاتباعهم ، و أن يجعلنا من أتباعهم . أ . هـ كلامه رحمه الله .
وسلام الله عليكم أيها الطيبون ورحمة الله وبركاته