السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شرحُ حديث الدُّعاء بظهر الغيب
الحمد لله ربِّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ".
أخرجه مسلم (4/2094 ، رقم 2732). وأخرجه أيضًا : أبو داود (2/89 ، رقم 1534).
قال العلامة شمس الحق أبادي في "عون المعبود شرح سنن أبي داود":
(إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لِأَخِيهِ): أَيْ الْمُؤْمِن (بِظَهْرِ الْغَيْبِ): أَيْ فِي غَيْبَة الْمَدْعُوّ لَهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ بِأَنْ دَعَا لَهُ بِقَلْبِهِ حِينَئِذٍ أَوْ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ (قَالَتْ الْمَلَائِكَة آمِينَ): أَيْ اِسْتَجِبْ لَهُ يَا رَبّ دُعَاءَهُ لِأَخِيهِ. فَقَوْلُهُ (وَلَك): اِسْتَجَابَ اللَّه دُعَاءَك فِي حَقّ أَخِيك وَلَك (بِمِثْلٍ): أَعْطَى اللَّه لَك بِمِثْلِ مَا سَأَلْت لِأَخِيك.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَكَانَ بَعْضُ السَّلَف إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ يَدْعُو لِأَخِيهِ الْمُسْلِم بِتِلْكَ الدَّعْوَة لِيَدْعُوَ لَهُ الْمَلَكُ بِمِثْلِهَا فَيَكُون أَعْوَن لِلِاسْتِجَابَةِ.
فضل الدعاء بظهر الغيب
قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)
ودعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب من أفضل الأعمال الصالحة، حيث يدعو له بكل خير فيه صلاح دينه ودنياه،ويكفي أن للداعي مثل ما دعا لغيره من خير إن شاء الله تعالى،وقد كان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه فإنه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تستجاب وتحصل له مثلها،
أخواني في الله هل أحسستم يوما بأنك بحاجه لدعاء هل مرضت يوماً وكنت في أمس الحاجة أن يدعو لك أحدهم وليطمئن على حالك؟
هل احتجت يوماً إلى دعوة ؟؟
أين أنت من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم
ويجوز طلب الدعاء من أهل الصلاح والفضل وإن كان طالب الدعاء أفضل من المطلوب منه
ويقع المسلم في خطأ كبير عندما يترك الدعاء لنفسه بحجة أنه كثير الذنوب، فيطلب من الآخرين دائما أن يدعون له، ويعتمد عليهم في ذلك، جاء رجل إلى مالك بن دينار فقال: (أنا أسألك بالله أن تدعو لي،فأنا مضطر،قال: إذا فاسأله،فإنه يجيب المضطر إذا دعاه).وينبغي للمسلم أن يحرص على أن يدعو لكل من طلب منه الدعاء له بظهر الغيب حيث إنها أمانة، فربما يكون أخوه في أمس الحاجة لدعائه، وقد يكشف الله عن أخيه مكروها أو ضررا بدعوة قالها بظهر الغيب، ولا يجوز أن يعد المسلم أخاه بأن يدعو له ولا يفي بوعده .
قال سيدنا إبراهيم عليه السلام: (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب).أما إن أراد الدعاء لغيره فحسب فلا يلزم أن يبدأ بنفسه.
قال اللَّه تعالى {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}.(الحشر 10):
وقال تعالى {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}.(محمد 19):
و أخيرا.. أرجو من الله تعالى أن يجعل لي نصيبا في دعائكم .
اللهُمَّ لاتدَعْ لنا ذنباً إلاّ غفرته..ولاعيباً سَتَرته..ولاهَمّاً إلا فرّجته
اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان
دمتم بخير