صور من الواقع تنافي تعظيم البلد الحرام
د/ أميرة بنت علي الصاعدي
أستاذ مساعد بجامعة أم القرى
صورة من الأفراح ( لباس فاضح ) :
في حفل زفاف بهيج ، توافدت المدعوات على قاعة الزفاف في أبهى حلة وأجمل لباس ، أما كيف هو اللباس ، فحدث ولا حرج ، هذا فستان عاري الصدر والظهر ، وهذا فستان قصير إلى الركبتين ، مفتوح من الجانبين ، وآخر طويل شفاف يصف ما تحته ، والجميع إلا من رحم يتباهى بلباسه ويفرح بجماله . وفي أثناء الزواج دخلت أخت أمريكية مسلمة مدعوة من قبل أهل العروس ، فصدمت وتفاجأت مما رأت ، وسألت نفسها : هل أنا في مكة حقاً ؟! أم في نيويورك ؟!
وخرجت مسرعة وهي تقول لمدعوتها : ما هذا اللباس والله في بلدي لا تلبسه إلا الشاذات !!
تعليق :
الله أكبر .. شاذات كافرات .. تقلدهن مسلمات عفيفات .. في بلد الله الحرام لباس عاري فاتن ..
يا ابنة مكة : أفيقي من سباتك .. واستيقظي من غفلتك .. إلى متى هذا الحال ؟! ألا تستشعرين أنك في بلد الله الحرام .
يا حفيدة أسماء وعائشة : من قدوتك في هذا اللباس ، الصحابيات الخالدات ..أم الكافرات المخلدات في جهنم ؟!
خطوة للعلاج :
أن تنظم مجموعة من الأخوات المحتسبات ، ويلبسن شعار تعظيم البلد الحرام ، ويذهبن إلى قصور الأفراح وأماكن تجمع النساء ، واعظات مذكرات ، وتعد لهن نشرة وعظية مؤثرة ، تقرأ على الحاضرات ، لعل الله أن ينفع بها من كان له قلب ، وتوزع هذه النشرة على الأسر المكية وعلى الفتيات في المدارس ، بمثابة هدية من مشروع تعظيم البلد الحرام .
صورة من السوق ( حجاب فاتن ) :
ذهبت إلى السوق أبحث عن عباءة ساترة ، فعجبت من أسماء العباءات ، هذه عباءة فرنسية ، وهذه عمانية ، وهذه عباءة الفراشة ، وأخرى عباءة الخفاش ، وعباءة السمكة ، وأسماء أخرى ، وزخارف متنوعة ، كأن العباءة لوحة رسم فاتنة .
عجبت من بني قومي ، فمتى عرفت فرنسا العلمانية التي تحارب الحجاب العباءة .....
رجعت مسرعة لأنظر إلى تلميذتي الفرنسية ، لأرى عباءتها هل هي مثل ما رأيت في السوق ، فعجبت واستحييت وتأثرت ، عجبت من عباءتها الفضفاضة جداً ، والثقيلة وزناً ، والساترة لوناً وشكلاً .. ما أجملها من عباءة ... فهي تسترها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها ... لا تصف ولا تشف ... لا يحركها الهواء .... ولا ترفعها الرياح ... ثابتة كالجبل ... سوداء كالليل .
واستحييت من عباءتي ، فكنت أظن أنها أفضل الموجود ، وأحسن المطلوب ، فإذا عباءة طالبتي تفخر على عباءتي قائلة لها : يا عباءة أستاذتي لا تغضبي مني ، فأنا أثقل منك وزناً ، وأكبر منك حجماً ، وأخشن منك ملمسا ..
سألت طالبتي : ما شاء الله هل أنت هكذا في فرنسا ؟
فقالت : نعم والله ، وإنني لأفتخر بها وهي تاج على رأسي ، بل إن المسلمات الفرنسيات لا يرضين بغيرها بدلاً .. ولابد أن يرخينها شبراً ... ويجبن بها شوارع باريس فخراً .
وتأثرت من بعض بنات مكة وحجابهن ، عباءات فاتنة ، مخصرة مزركشة ، ملونة معطرة ، لاصقة ضيقة.
تعليق :
الله أكبر ... هذا عزنا والله ... ولا عزة لنا بغيره ... حجابنا دليل إيماننا ... ورمز حياءنا .. ومصدر قوتنا .. وسر حضارتنا .
يا ابنة مكة : هلاّ تلمست حجابك ، فإن أظهر كتفيك ، وأبرز ثدييك ، والتف على خاصرتيك ، وحدد معالم جسدك ، فليس هو حجاب .. بل هو عذاب وعقاب ، وفتنة وبلاء ، فلا تغرنك الأسماء المستعارة ، والألوان الزاهية ، إنما الحجاب طاعة وعبادة ، وليس زينة وتفاخر، وهو عفة وطهارة ، لا فتنة وإغراء .
صورة من الجامعة ( صيحات وصرعات )
حين تتجول في أرجاء الجامعة أو الكلية ، ترى مناظر عجيبة وأحوال غريبة ، الوجوه ملونة بجميع الأصباغ ، والشعور صيحات وصرعات ، والملابس لاصقة فاتنة ، تظهر الكتفين وجزء كبير من الصدر ، كأنهن مرضعات ، البلوزة قصيرة صغيرة لا تكاد تستر ، إذا غطت الظهر ظهرت البطن ، وإذا غطت البطن ظهر الظهر ، أينما تلفت يميناً وشمالا فأنا في شغل من أمري ،أغطي لهذه كتفها ...وأنصح تلك بأن تغطي بطنها .... وألفت انتباه الأخرى لتستر ما ظهر من صدرها ...
وفي يوم من الأيام كنت أتحدث مع طالباتي المغتربات عن حدود اللباس بين النساء ، وضوابط اللباس الشرعي ، فالجميع تساءل : لماذا يا أستاذة طالبات الجامعة ، فتيات مكة يلبسن هذه الملابس ، في هذا المكان المحترم ، مكان طلب العلم .
وقالت لي طالبة أمريكية : أنها ذات يوم رأت إحدى الطالبات المكيات تلبس بلوزة كتب عليها عبارات أجنبية ، فسألتها : هل تعلمين معنى هذه العبارات ؟
أجابت الطالبة : لا أعلم .
الأمريكية : إنها كلمات سيئة جدا لا يليق بك وأنت المسلمة أن تلبسي مثل هذه الملابس .
التفت الطالبة المكية على زميلتها مستغربة : لماذا لم تخبريني عن معنى هذه الكلمات ، واستحيت من نفسها جدا .
وقالت لي أيضا : إنني أفاجأ من بعض الطالبات وهيئتها فأتساءل : هل هي ذكر أم أنثى ؟
أطرقت برأسي أفكر : ليت ابنة مكة تسمع هذا الكلام ، وتعي مفهوم الخطاب .
صورة من الواقع ( هل أنا في مكة أم في أمريكا ) :
في جلسة هادئة مع طالباتي المغتربات تحدثن فيها عن المواقف التي مرت بهن في البلد الحرام ، وتنافي تعظيمه وحرمته .. فذكرت لي طالبة أمريكية أسلمت بعد أحداث سبتمبر , وقدمت مكة ، وكانت ذات يوم في بيتها وسمعت في الخارج صوت موسيقى غربية لمغني أمريكي ساقط ، فقالت لزوجها : هل تسمع ما أسمع ؟ هل نحن في مكة أم في أمريكا ؟ فخرج زوجها ليبحث عن مصدر الصوت ، فوجد شابا يجلس في سيارته ويستمع إلى هذه الموسيقى ، فسأله : من هذا الذي تسمع له ؟ فرد الشاب : هذا المغني فلان ، وذكر اسمه خطأ ، فصحح له الأمريكي الاسم ، وذكر له أن هذا المغني ساقط جداً ، وأغانيه سيئة جداً ، حتى أن الأمريكان الكفار لا يسمعون له ، ثم قال له : أنا جئت هنا إلى مكة لأبتعد عن سماع مثل هذه الأغاني ، أريد أن ارتاح في مكة .
فاستحى الشاب من نفسه ، وأطرق رأسه خجلا من هذا الكلام .
صورة من الواقع ( البيبسي بدل الزمزم ) :
إن من النعم العظيمة التي أنعم الله بها على أهل مكة ، واختصهم بها دون غيرهم ، ماء زمزم المبارك ، طعام طعم وشفاء سقم ، لا يوجد ماء على وجه الأرض مثله ، ولا يمكن أن يوجد هو في أي أرض ، فهنيئاً لأهل مكة هذا الفضل .
ومع اختصاص أهل مكة بهذا الماء ، إلا أنه للأسف هناك من يستغني عنه بغيره من المشروبات الغازية ، التي تضر ولا تنفع ،والتي لا تغني ولا تسمن من جوع .
وقد أشارت إلى ذلك إحدى الطالبات الصينيات ، عندما جاءت إلى مكة ، فرأت المطاعم والمأكولات الأجنبية ، وثلاجات البيبسي والمياه الغازية ، فأعلنتها صريحة :
" يا أهل مكة تشربون البيبسي وعندكم الزمزم ؟! ."
نعم صدقت يا عائشة ، شتان بين المائيين ، والمحروم من حُرم من ماء زمزم ، والسعيد المؤمن من تضلع من ماء زمزم ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من ماء زمزم " .
قال ابن عثيمين رحمه الله : " وذلك لأن ماء زمزم ليس عذباً حلواً بل يميل إلى الملوحة ، والإنسان المؤمن لا يشرب من هذا الماء الذي يميل إلى الملوحة إلا إيماناً بما فيه من البركة فيكون التضلع منه دليلاً على الإيمان " . الشرح الممتع 7/379