تأمل أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها
لإقامة هذه الأزمنة والفصول
وما فيها من المصالح والحكم،
إذ لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح شتاء
لفاتت مصالح الصيف،
وكذلك لو كان ربيعا كله أو خريفا
كله لفاتت منافع الفصول الباقية فيه،
ذكر ابن القيم رحمه الله بعض فوائد البرد ودخول فصل الشتاء
فقال:
ففي الشتاء
تغور الحرارة في الأجواف وبطون الأرض والجبال،
فتتولد مواد الثمار وغيرها، وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء،
فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرَد الذي به حياة الارض وأهلها
واشتداد أبدان الحيوان وقوتها، وتزايد القوى الطبيعية
واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الأبدان،
وفي الربيع
تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء،
فيظهر النبات ويتنور الشجر بالزهر،
ويتحرك الحيوان للتناسل،
وفي الصيف
يحتد الهواء ويسخن جدا فتنضج الثمار وتنحل فضلات الأبدان
والاخلاط التي انعقدت في الشتاء،
وتغور البرودة وتهرب إلى الأجواف، ولهذا تبرد العيون والآبار
ولا تهضم المعدة الطعام التي كانت تهضمه في الشتاء
من الأطعمة الغليظة لأنها كانت تهضمها
بالحرارة التي سكنت في البطون،
فلما جاء الصيف خرجت الحرارة إلى ظاهر
الجسد وغارت البرودة فيه
فإذا جاء الخريف
اعتدل الزمان وصفا الهواء وبرد فانكسر ذلك السموم،
وجعله الله بحكمته برزخا بين سموم الصيف وبرد الشتاء.
انتهى كلامه رحمه الله
:
.
. فاذاعرفت بأن الضد يهرب من الضد،
والشبيه ينجذب إلى شبيهه،
أدركت وعرفت بأنه لاطريق للتخلص من رقّ المعصية
إلاّ بضدها وهي الطاعة،
وأنه إذا ارتاحت نفسك بالجلوس مع العصاة،
فهذا من انجذاب الشبيه إلى شبيهه،
والله المستعان
\
/
دوم مو يوم
بسمهـ أمل
( منقـول)