عشرة جنيهات
شاهيناز فواز
المسافة ليست بذلك البعد الذى يراه ، فقدمه اليسرى التى يجرها هى التى تبعد عنه المسافات
جذب انتباهه ذلك الجمع الذى ليس بالقليل من زملائه حول تلك السيارة التى وقفت على ذلك الجانب من تلك القمامة . الجميع يمد يده عسى ان ينال نصيبه من الرزق المنتظر ، يتحرك هو ببطء فى محاولة منه ان يتخطى تلك المسافة القصيرة لعله ينضم اليهم ويأخذ نصيبه هو الأخر ، يستوقفه قليلاً صوت زميلا له وهو يقول بصوت عال للجميع انها تريد أربعة اخرون فقط لنقسم المبلغ بيننا نحن الخمسة ويردد آخر عشرة جنيهات ، لكل واحدا من الخمسة عشرة جنيهات .
يتهافت الجميع لعل واحد منهم يكون من ضمن الخمسة يدقق النظر اليهم ثم يلقى ببصره تجاه قدمه العاجزة فى اسى مستكملا السير ، فى ثوان معدودة يجتمع الخمسة ويذهبوا لتقسيم المبلغ
لا زال هناك آخرون فى انتظار الأمل ينظرون اليها بعيون يملؤها الرجاء ، تتعاطف مع حالتهم صاحبة السيارة لتخرج مبلغا آخر وتطلب نفس الطلب هم اربعة امامها وتسئل اين الخامس ؟ يأتيه الأمل مرة أخرى لعله يكون الخامس . هذه المرة يسرع فى خطواته حتى يكاد ان يسقط على الرض من هرولته ، وما ان اقترب من زملائه حتى ظهر فجأة الشخص الخامس ليأخذ المبلغ وتذهب الدفعة الثانية لفك المبلغ وتقسيمه
انفض الجمع ولم يتبقى سواه ، يلتفت حوله لا يجد احدا معه .
يلقى ببصره اسفل قدميه وقد بدى عليه التعب مستندا بظهره على قالب القمامة مصدر رزقه البسيط محاولا اخذ انفاسه ، واذا بصوت صاحبة السيارة يناديه ممده يدها من النافذة متجه اليها ليرى ابتسامة تعلو شفتيها وكأنها شعرت بحاله أمسك بالمبلغ دون ان يتفوه بكلمة واحده وقد بدت على ملامحه معالم الرضا .
انصرفت السيارة وظل هو فى مكانه ملقياً ببصره نحو السماء حاملا تلك الإبتسامة التى لم تفارق قلبه منذ تلك اللحظة.