أنتِ يا أُخيّـه
نعم أنتِ ..أنتِ من اصطفاكِ الله ..أنتِ من اختارك مولاك ..أنتِ من شرّفك خالِقك ..أنتِ من رفع قدرك إلهك
أشعرت أن الله اصطفاك على نساء العالمين ؟
لقد منّ الله على مريم البتول فقال : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)
فهل تأملت في هذا الاصطفاء أُخيّـه ؟ أشعرتِ أن لك جزءاً من هذا الاصطفاء ؟ وأنّ لك قدراً من هذا الاختيار ؟
أنتِ مختارة الكون..أنتِ درة الدنيا ..كيف ؟
ألم يُشرّفك ربك ومولاك بالإسلام ؟
ألم يمنّ عليك أن جعلك أمَـة له ؟
ويمنّ عليك أخرى أن جعلك من أتباع خاتم الأنبياء والمرسلين .
ومما زادني شرفـاً وفخـراً *** وكِدتُ بأخمصي أطأ الثريّـا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيّرت أحمد لي نبيّـا
أنتِ يا أُخيّـه
لقد اختارك الله على ملايين البشر،واصطفاك على أمم الأرض ..فَجَعَلك مسلمة موحِّدة لله عابِدة في حين أن أكثر أهل الأرض على ضلال وفي ضلال ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )
نعم .. هم في شك وحيرة ؛ وأنتِ على يقين.
هم في خوف وقلق ؛ وأنت في أمن وأمان
هم لا يرجون الله والدار الآخرة ؛ وأنتِ في رضا مولاك ساعية
هم يخافون مما يُخبئه المستقبل ؛ وأنت في طُمأنينة الإيمان في دَعَـةٍ وسَكينة
تعلمين أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك
تعلمين أن رزقك لا يُنقِصه التّـانِّـي ..تعلمين علم يقين أنك على الحق المبين..تنامين ملء جفونك..وتظلّ عيونهم ساهرة..تأوين إلى دوحة القرآن..فيأوون هم إلى هجير الأغنية الماجنة ، وإلى سَمُوم الموسيقى الصاخبة !
إذا ضاقت عليك الأرض رفعتِ طرفك للسماء ؛وإذا ضاقت بهم السُّـبُـل لجأوا إلى من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا .
أنتِ مؤمنة .. وكفـى
وأمم الأرض كافرة شقية..منهم من يغو إلى بيعة ، أو يذهب إلى كنيسة..منهم من يسجد لشجر أو لحجر
بل منهم من ينحني أمام حيوان بهيم ؛ وأنتِ في شموخك كأنك النخلّة الشمّـاء ، لا تنحني هامتك إلا لِخَالِقِك
وأنتِ كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء..من أجل ذلك شبّـه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة .
هم – يا أُخيّـه – يضعون جباههم بين أقدام العبيد خضوعا لكل بليد ! وأنتِ تضعين جبهتك على الأرض خضوعاً لسيِّدك ومولاك
أشعرتِ يا أُخيّـه .. أنكِ لست رميّـة .. ؟ أشعرت أنكِ مختارة الكون ؟ وأنك مصطفاة على العالمين ؟
ألا يحق لك الفخر بذلك ؟
عندما تُقدّم جنازتك تقف جموع المصلِّين ، كبيرهم وصغيرهم ، أميرهم ومأمورهم ، ووزيرهم وفقيرهم .. يقفون جميعاً لِـيُصلُّون عليك ..
وأعجب حينما يكون ذلك في أطهر بقعة .. حينما يكون ذلك بجوار البيت الحرام .
أي تكريـم ؟
وأي عِـزّة ؟
وأي رِفعـة ؟
وأي حياة تعيشها المرأة المسلمة في ظل الإسلام ؟
إن أعداءك حسدوك هذا الشّرف ؛ وأرادوا سرقـة هذا الـجـاه وسعوا سعياً حثيثاً لهدم مَجْدِك وأرادوا إنـزالك من عليائك فأنتِ في الحصنِ أُخيّـه.
قال ابن الجوزي : " يا مختار الكون وما يعرف قدر نفسه " فهلاّ عرفتِ قدر نفسك ؟