يــوميـــــات قلـــــب
... ~ * ~ ... ~ * ~ ... ~ * ~ ...
حننتُ إلى محبوبي ففاض قلبي بدموع أشتياقي , و التهبت عيناي بحمّى حنيني ...
المكان خواء إلا منك و منّي , و هذا حَسبي , فأنت من تملأ وجودي , و أنا نموذج من إنسان هذا الوجود , فالتلاقي بيننا صورة حقيقية من علاقة بين زائل و موجود , و بين عبد و معبود .
الزمان قُبيلَ العصر , فرغتُ من صلاتي , و قّبلتُ موضوع قدميك تحت شفاهي , و على سجّادة صلاتي نثرتُ لك كلمات الحب , فحملَتها الملائكة و رشّتها كالعطر على آفاق الكون .
الحب يتخمَّر في قلبي و ينضج كما ينضج رغيف الخبز فوق نار التّنور , و يخرج ورديَّ اللون يملأ العيون الجائعة ...
قلبي نضجَ و حبّي توهّج و أترع القلوب الولهى بريّاه , الشَّبه بين الرغيف و الحب شَبَهٌ عجيب , كلاهما يُخمد غلهْ الجوع , لكنَّ الأول يشبعُ , و الثاني يلهب الجوع ..
ظمئتُ كؤوساً تَتْرى تجرَّعتها الواحدة تِلوَ الأخرى , خمرة صافية معتَّقة , لم أدفع فيها شيئاً من مالي , لكنّي دفعتُ { من أجلها } سنوات من عمري , و نثارات من قلبي , و صبابات من شوقي و حبّي ...
النافذة ورائي تحجبني عن الحديقة بحجاب واهٍ , الطبيعة خلفي تنوح , و تعتصر دموعها من حدقة السماء , و أنا لا أعتصر دموعي لأنها تسقط دون استئذان ...
الميزاب المنتصب إلى جواري يقرقر و هو يبتلع المياه بخرير خشن و ثرثرة مهذار , و أنا ابتلع قرقرة حنجرتي , و أخمد صوت العشق المتفجر من كينونتي بحفيف مبحوح لا يسمعه سواي ...
الضوء الكهربائي المتدلي فوق طاولتي ينوس و يشّع , و تتراقص أنواره حسب دفقات الكهارب التي تحتاج كيانه , و أنا ينوس الوهج في ضلوعي و يشتد حسب دفقات العشق التي تترقرق في حناياي .
الساعة تدق بإنتظام و رتابة , و هي تقطع أشواطاً في عمر الزمن , و أنا لا أحس بالزمن لأنه مات مذ عرفُتكَ .....
حمامة مشتاقة تهدل على أغصان النارنج من ورائي في الحديقة , لعلّها تنادي إلْفَها , لعلها تشتاق لتكوين أسرة و رعاية زغاليل تطرحها الحياة بين يديها لتُشْبِع أمومتها العطشى لدفء الاجتماع , و السَّكَن إلى الزوج و الأولاد , و أنا أنسى الزوج و الأولاد حين أجلس معك , فالإلفة بكَ تطفو على سطح قلبي , و الأنس بك يحتلُّ أرضي و سمائي , و يُصادر ممتلكاتي , و يدعُني لا أملكُ حتى ذاتي ....
الكتب مرصوفة على رفوف خزانتي , أو مرصوصة على منضدتي , أو منثورة على كرسي أو دِرْج لكنها كلها لا تشبع نهمي إلى معرفتك , لذلك قرأت في كتاب واحد هو كتاب الكون فلمحت أنوارك تتلألأ و قدرتك تتجلّى , و ألطافك تسري إلى خلقِكَ , اغتسلتُ في شلالٍ من هذه الأنوار فشربتُ معرفتك ....
بيتي متواضع في نظر الدنيويين ليس فيه إلا الضروريات بعد أن صرفْتَ عن قلبي كل الكماليات , فأصبح البيت المتواضع رفيعاً , و الأثاث البسيط غالياً , و رأيتُ في غُرف بيتي تاريخي معك فَعظُمَ في عيني لأنه احتوى حبّي , و أصغَتْ جدرانه لنحواي , و تعطّرت زواياه بخلواتي , فاتسعت مساحتُه , و تداعت جدرانه , و تعقَّم هواؤُه خلْقاً آخر ...
أستأذنُكَ لأداء العصر , إن الأذان يمزق سكون الكون , و ينساب إلى القلوب المؤمنة رخيّاً نديّاً , فـأسمح لي أن التقي بكَ على سجّادة صلاتي , لأنثر لكَ آهاتي , و أهديكَ قُبلاتي , فأنتَ من منحتني الوداد , و علّمتني أن أصون الفؤاد عن التعلق بالمتحولات , و التمسك بالثوابت الباقيات ... يا رباه ! ...
منقـول