زمَن الذّل .. الْمُرّ .!
غَزّة أشْلاء .. الدَّم شَلّال .. الْقاتل عدُو .. حَليفُ الْقاتِل أخْ و شَقيق و ابْن عَم .. أولئك الّذين لا همّ لديْهم سِوى مَزيد منَ التَّعرّي في سَواد الصَّمت .. الْمَزيد الْمَزيد منَ السُّجود للذّل ..
الذّل سِمة عامّة لِمَن فَقدوا أسْماء أنْبيائهم و أبْطالهم و شُهدائهم .. ظَلّوا فقطْ مُخْلصين .. مُضحّين .. عابِدين لأسْمائهم و ألْقابِهم و مُسْتقبلهم الّذي على كفّ الشّعوب .. في قبْضَة أوْلياء الرّيح .. تهبُّ منَ الْغَرب بِما يهْوى الْغَرب .. لِما فيه مَصْلحة ما يُسمّى بإسرائيل
ليْسَت مُفاجئة مَذْبَحة غزّة .. و ليْس مُفاجئاً شَلّال الدّم .. الْمُفاجئ أنْ لا يَتحرّك الدّم الْعربيّ طيلَة سَنتيْن من الْحِصار .. و أنْ يَتجمّد في مِنْطقة خارِج إطار الْمَعقول الْمَقبول .. خارِج مَنْطق الْعقل و شَفافيّة الْعاطِفة الْوَطنيّة ..
مُحْزنٌ ما نَراه .. أشدّ حُزْناً ما لا نَراه .. فعلَى مَدى أسبوعين و أكثر .. نَرى شعْباً يُذْبح .. جَثامين في ساحَة .. مُلْقاة بِلا عِناية كَباقةِ وَرْدٍ قصفَتْها الرّيح عنْوَة .. بَعْضها ماتَزال فيه الرّوح .. يَرْفع سَبّابته بالشَّهادة .. الأخيرة .. و في جِواره شُهودٌ جَرْحْى يَرون كَيْف يَموت الإنْسان شَهيداً .. فَقدْ يَسْتفْحِل جرْحَه و يُصْبِح هُو الآخر شَهيداً .. فَلا مُسْعِفون مَمْنوعون مِنَ الْقَصْف الْهمَجيّ .. و لا سَيّارات تتَحرّك إلّا بِما أبْقت الصّهاينة مِن وَقود مُنْذ أنْ قَرّرت أنْ يَكون الْفِلسْطينيّون وَقود أطْماعِ بَني صهْيون في تَبوؤ مَرْتبة شَعْب الله الْمُختار .. يُساعدها '' الأغْيار '' الّذين ارْتَضوا أنْ يَكونوا خَدماً لِحاخامات الْهيْكَل .!
الْخادم رَهْن شارَة سيّده .. إفْعل .. يَفْعل .. قِفْ علَى الْحِياد في ما لا يُحْتَمل الْحِياد .. يَقف .. أغْلِق الْمِعْبر .. يُغْلق .. أُقْتل أَخاك .. يَقْتل .. أمّا تِلْك الأمّ الّتي تَسير مَشْدوهة بيْن الْجُثَث تَبْحث عنْ جثّة ابْنِها .. و رُبّما أبْنائها .. فَلا أُمّة لَها توقِف الْمِقْصَلة عنْ قَصّ الرِّقاب بـــ Aircraft Vantom .. و طبْعاً لَيْست هِي أمَة السّيد الصّهيونيّ ..
لِذلك .. فَقط لِذلك .. حوصِرَت و جُوِّعت .. و عُطِّشت و مَشت حافِية فَوْق شَوْك الصَّبر حتّى ملّ الصّبر مِنْ صَبْرها فأطْلَق حَجْم قذائفه بِمُباركةٍ من خانَتهم قُدرَتهم علَى الاحْتِمال فَصدّقوا أنَّ الذّئب حمْل .. و أنَّ السّلام الْمَزْعوم بَديلٌ كُليّ للسّلاح .. تَركوا السِّلاح .. رمَوْه في حفْرَةِ الْماضي الْمُقاوِم .. جَلسوا يَنْتظِرون رِسالة السَّلام آتية في مِخْلب الْغُراب .!
وعَدهُم بوش بالدّولة الْعام .. 2005 .. فَرحل و لمْ تأتِ الدّولة .. قالَ لهُم أولْمَرت : ".. الْقُدس نَتقاسَمْها .. " .. فَقسّم لَحْم جَسدِهم الْواحد إلى حَماسيّ و فتْحاويّ .. أقْنَعتهُم رايْس بالتَّفاوُض فَفاض الدَّم الْواحد في غَزّة .. و انْهار الْخَطّ الأحْمَر .. أنْهارَ دمٍ ..
غَزّة ذات الـ 400 كلم مُربّع و الْمِلْيون و نِصْف الْمِلْيون فِلسْطينيّ .. الْأكْثَر كَثافة سُكانيّة في الْعالم .. تَدْفع الْيوم ثَمن كَلِمة الْحَرْفين الْمُقدّسيْن '' لا '' .! أمّا أهْل الـ '' نعم '' فَهاهُم يَتحدّثون لَهْجة الْقاتِل .. و يُطالِبونَها بِدَفْن كَرامتها في الرَّمل .. تَنْسى أنَّ الْمُقاومة حَقّ .. و تَجْلس علَى شاطِئها تَنْتظر '' قَمر السَّلام '' في عزّ الظّهر .. في زَمن الذّل الْمُرّ .!
م0ن
اقول لغزة لاننسى الجرح