- قتل الأنفس المعصومة: وهو من أعظم الذنوب بعد الشرك بالله قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } الفرقان 68/69
وقال تعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } النساء 93 . وقال صلى الله عليه وسلم « إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة شهركم هذا في بلدكم هذا» رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: « لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» رواه النسائي.
وجاء عن ابن عمر أنه كان ينظر إلى الكعبة ويقول:ما أعظم شأنك عندالله وإن دم المسلم أعظم شأناً منك.
2- ترويع الآمنين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «من أشار إلى أخيه بحديدة فلا تزال الملائكة تلعنه حتى يضعها وإن كان أخاه لابيه وأمه» المعجم الاوسط للطبراني فإذا كان هذا إثم من يشير لم يؤذ فكيف بمن يقتل؟؟
3- اتلاف الممتلكات: قال تعالى { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ } البقرة 205 .
4- إظهار الباطل بمظهر الحق عبر تزويق الكلام وتنميقه: وهو لايغير من حقيقة الباطل شيئا قال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } البقرة 204
5- الغلو في الدين: الإسلام دين الوسطية ودين الرحمة ودين إعطاء كل ذي حق حقه فإذا شذ الناس عن فهم الوسطية وقعوا في أحد ضلالتين: إما غلو وإما تفريط
قال ابن القيم: ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه كالوادي بين جبلين والهدى بين ضلالتين.
ولو نظرنا لكل دين باطل أو عقيدة ضالة نجد أنها أوتيت من قبل الغلو قال صلى الله عليه وسلم: « إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» رواه النسائي
6- الطعن في العلماء وانتقاصهم بل واتهامهم بما ليس فيهم وهؤلاء الطاعنون وقعوا في الكبر من حيث شعروا أو لم يشعروا فمن أعجب برأيه مع حداثة سنه وقلة علمه وفهمه فهذا هو الكبر بعينه قال عليه الصلاة والسلام: « الكبر بطر الحق وغمط الناس» رواه مسلم
7- الخلل في مفهوم تغيير المنكر باليد وهذا من اختصاص ولي الأمر، والحاكم المسلم له أن يغير المنكر باليد فهذا من اختصاصه ومن واجباته فإزالة المنكرات العامة ليست لكل أحد، ولأن ذلك يؤدي إلى فساد كبير وفوضى عظيمة سيما عند اختلال الأمن وتجرؤ كل أحد على تغيير ما يراه من المنكرات باليد.
قال ابن أبي العز رحمه الله: لايجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها.
8- التكفير: فمن المنكرات التي أتى بها هؤلاء تغييرهم للمصطلحات الشرعية وفق أرائهم الضيقة وفهمهم السقيم فمن هذه المصطلحات التي أسيئ استخدامها مصطلح «التكفير».
- فالتكفير حكمه إلى الله ورسوله فلايجوز فيه الرمي بالظن أو الوهم ولذلك تجلت خطورة إطلاق التكفير من خلال قول النبى صلى الله عليه وسلم « أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باءبها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه» متفق عليه.
فهذا الحديث فيه وعيد شديد لمن يتجرأ على إطلاق التكفير على من لا يستحقه ولأن الاستعجال في إطلاق التكفير فيه من المفاسد مالا يحصى كاستحلال الدماء والأموال ومنع التوارث وفسخ النكاح والخروج على الولاة والأئمة، هذا بالنسبة للدنيا أما بالنسبة للآخرة فتحرم الصلاة عليه وتكفينه ودفنه في مقابر المسلمين.
ولذلك كان أهل السنة من أشد الناس تورعاً في إطلاق هذه الكلمة خلافاً للخوارج المتجرئين على دماء المسلمين، ويتجلى ورع أهل العلم من أهل السنة في هذه المسألة حيث إنهم جعلوا للتكفير شروط لابد أن تتحقق وموانع لابد أن تنتفي ولابد من اجتماعها حتى يستحق المرء إطلاق الكفر عليه، ومثال هذا: فإن الارث سببه القرابة وقد لايرث القريب لوجود مانع وهو اختلاف الدين.
ومن شروط التكفير:
1- البلوغ
2- العلم
3- الاختيار
4- بلوغ الحجة على وجه يفهمها.
ومن الموانع:
1- الجهل
2- التأويل
3- والاكراه
4- حب الدنيا
5- غلبة الغضب
6- غلبة الفرح.
- ثم لوتحققت الشروط وانتفت الموانع من الذي له حق إطلاق حكم التكفير هل هو لكل أحد؟
هل هم حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام؟
كلا بل مرد ذلك إلى القضاة الشرعيون والمفتون المعتبرون والعلماء الراسخون.
- ومما ينبه عليه أيضاً إن النظر إلى النصوص الواردة في التكفير من جانب واحد يوقع في الغلو الذي وقعت فيه الخوارج من جهه أنهم نظروا إلى بعض الذنوب التي ورد تسميتها كفراً ولا يراد به الكفر المخرج من الملة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» رواه البخاري
وقوله صلى الله عليه وسلم: « اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت» رواه مسلم.
1- نعمة الأمن من أعظم النعم وهي أعظم من نعمة الطعام والشراب ولهذا قدمه خليل الله إبراهيم على طلب الرزق حيث قال { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ } البقرة 126 .
فإن كان كذلك صارت المحافظة عليه مسؤلية الجميع من حكام ومحكومين وهذا من التعاون على البر والتقوى فلا يجوز التستر على هؤلاء المخربين ولا ايوائهم قال صلى الله عليه وسلم: « لعن الله من آوى محدثا» متفق عليه.
وقد فسر العلماء (المحدث) في هذا الحديث بأنه من يأتي بفساد في الأرض، فاذا كان هذا الوعيد الشديد فيمن آواهم فكيف بمن أعانهم أو أيد فعلهم.
2- على من سلك هذا الطريق الوخيم وسار في هذا المنزلق الخطير أن يرجع إلى الله وأن يتوب من أقواله وأفعاله التي تفرق المسلمين ولا تجمعهم فإن الله عز وجل يقول { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ْ} الإسراء36 .
ويقول سبحانه { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } آل عمران 103
3- قال صلى الله عليه وسلم « الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة، قلنا لمن يارسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم
فالواجب هو نصح المسلمين وسلامة الصدر لهم والنظر للعصاة منهم بعين الشفقة والرحمة لا بعين الشدة والقسوة.
اللهم احفظ بلادنا واجعلها آمنة وسائر بلاد المسلمين.
المصدر ..
من مطويــــات العلاّمتـيـن ..ابـن بـــــاز والألــبـاني
للنصائح والتوجيهات