يصعب علينا احياناً التخلي عن المكان الذي نحبه ،فنسجن انفسنا فيه بإرادتنا حتى لو كلفنا الامر ضياع مكاسب مهمة.
ذكرتني هذه الخاطرة بقصة عصفور عشق سجنه
احب العصافير كثيراً وخاصة الكناري لجمال صوتها ، تعودت على تربيتهم والاهتمام بهم وكنت احرص على شراء اقفاص كبيرة ووضع قطع من الديكور كجذع شجرة وبعض النباتات الصناعية حتى اجعل جو القفص اكثر بهجة للعصفور.كنت اتعامل معهم بإنسانية كبيرة ، واتخيل نفسي عصفورة مثلهم.
في احدى الاقفاص كان هناك عصفور وعصفورة من الكناري الاصفر الجميل ، كنت اقضي ساعات اراقبهما ، واتسائل يا ترى كيف يتفاهمان ، كانت الانثى تزقزق بصوت جميل ويرد عليها الذكر في سيمفونية رائعة تطرب لها الأذن.
عندما ماتت العصفورة وبقى العصفور وحيداً ، لم اعد اسمع تغريده ، ظننت انها فترة حداد وحزن وبعدها سيعود للتغريد مرة اخرى، ولكن صمته طال ، فكرت في ان اطلق سراحه لعله يخرج من حالة الحزن ، وفتحت باب القفص وخرجت من المكان لأترك له الحرية في الخروج، عدت بعد يوم ووجدته في مكانه صامتاً كعادته وباب القفص مازال الباب مفتوحاً ، استغربت ، وتسائلت حينها ،
هل من المعقول ان العصفور لا يرغب في الحرية؟
او انه لا يعرف الطريق الى باب القفص؟
مددت يدي في محاولة لإرشاده الى باب القفص ولكنه لم يعرني انتباه ، فأمسكت به وطيرته ، طار لمسافة قصيرة وحط على حافة الشرفة وعدت ادراجي وفي داخلي شعور مختلط ، شعور بالحزن لفراق عصفور قضى فترة في بيتي وتعودت عليه ، وشعور بالراحة لانني قمت بتحريره من الأسر.
تخيلوا ماذا حصل؟
بعد يومين خرجت الى الشرفة وفوجئت بوجود العصفور ميتاً على حافة الشرفة ،
فخطرت ببالي مجموعة من الاسئلة
يا ترى هل مات حزناً على شريكته؟
ام لأنه لم يستطيع ان يتأقلم على الجو الخارجي الجديد؟
ام انه فقد قدرته على الطيران؟
ام انه عشق سجنه ولم يحتمل طعم الحرية؟
م0ن