ختان الذكور يفيد النساء أيضًا
يقلل من الإصابة بالإيدز وبالأمراض الجنسية
كشفت مجموعة من الدراسات أن ختان الرجال يقلل من خطر إصابتهم بعدوى الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز، وأثارت هذه الدراسة التي نشرتها صحيفة النيويورك تايمز حالة من التفاؤل حول إمكانية استفادة النساء (رفيقات الفراش) أيضًا من هذا الإجراء. لكن نتائج دراسة جديدة صدرت يوم الأحد الماضي تقلل من أهمية ختان الذكور، فقد أظهرت أن هذا الإجراء ليس له فوائد غير مباشرة تنعكس على الإناث، وكانت دراسات سابقة قد أكدت أن ختان الذكور يساهم بدرجة كبيرة في خفض احتمالات الإصابة بمرض القوباء الجلدي، والقرح الأخرى التي تصيب الأعضاء التناسلية الذكرية، والتي يشيع ظهورها بين الرجال.
وأمام المؤتمر الخامس عشر للفيروسات والعدوى الطفيلية، أُعلنت نتائج هذه الدراسة التي أجريت في نطاق جغرافي يتسم بارتفاع احتمالات الإصابة بفيروس "إتش.آي.ڤي" المسبب لمرض الإيدز. وقال معدو الدراسة: "على الرغم من أن النتائج لم تتوصل إلى عوامل ذات دلالة إحصائية، إلا أنها لا تزال مهمة بالنسبة إلى إثبات الحاجة إلى نشر التوعية الفعالة بين الرجال الذين تجرى لهم عملة الختان وشركائهم في الفراش من النساء".
ضم فريق البحث الذي أعد هذه الدراسة عددًا من الباحثين من جونز هوبكنز وأوغندا الذين أجروا دراسات سابقة عن فوائد الختان بين الرجال، إلا أنه يعتقد أن هذه تعتبر المحاولة البحثية الإكلينيكية الأولى التي تستهدف إمداد النساء ببيانات علمية حول انعكاس آثار ختان الرجال على رفيقاتهم من النساء، فقد لاحظ المتخصصون في علم الأمراض والأوبئة لسنوات طويلة ارتفاع احتمالات الإصابة بعدوى الإيدز في بعض المناطق بالقارة الإفريقية التي يقطنها رجال غير مختنين مقارنة بالمناطق التي يعيش بها رجال مختنون
.
لكن عددًا كبيرًا من العلماء أعربوا عن تشككهم في أن ختان الذكور يؤدي دورًا في انتقال العدوى بالفيروس المسبب لمرض الإيدز، وخلال السنوات الأخيرة تم إجراء 3 دراسات علمية دقيقة في كل من كينيا وجنوب إفريقيا وأوغندا لتعلن نتائجها للمتشككين أن ختان الذكور من الممكن أن يقلل مخاطر انتقال الفيروس إلى الرجال بنسبة تتراوح بين 50 و60%.
وعلى الرغم من أن الختان لا يعتبر الحل الذهبي لوقاية الرجل من الإصابة، إلا أن منظمة الصحية العالمية أدرجت ختان الرجال العام الماضي على قائمة توصياتها، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على إجراء هذه العملية في مناطق عديدة من القارة الإفريقية. وتقل خطورة هذه العملية إذا أجريت على أيدي عاملين مدربين بالمجال الطبي مقارنة بإجرائها في طقوس تقليدية خاصة على أيدي الحلاقين في بعض المناطق الفقيرة.
هذا وقد اكتسبت عملية ختان الذكور أهمية جديدة نظرًا لفشل العلماء في انتاج مصل لمنع الإصابة بالفيروس المسبب لمرض الإيدز، فيما ارتفعت معدلات نجاح العملية بين الذكور بالقدر الكافي لإقناع الخبراء المختصين بعدوى الإيدز بأنه من الممكن اعتبار العملية بمثابة مصل مؤقت للوقاية من العدوى.
كما ذكر بعض الخبراء أن هناك مؤشرات قوية على أن ختان الذكور المصابين بالعدوى بالفعل يقي شريكاتهم في الفراش أيضًا. وفي مؤتمر صحفي كبير قالت "ماريا واور" من جونز هوبكنز، وإحدى المشاركات في إعداد الدراسة :" حتمًا سوف يلجأ الرجال المصابون بالعدوى لإجراء عملية الختان نظرًا للأثر المعنوي المادي الذي يتخلف عنها، فهي تعمل نسبيًا على إزالة وصمة العار التي تلحق بهم فور معرفة الآخرين بنبأ إصابتهم.
وقال باحث آخر شارك في الدراسة ويدعى دكتور "ديفيد سروادا" ويعمل بجامعة ميكيريري في كمبالا: "إذا انخفض عدد المصابين بعدوى الإيدز من الرجال بسبب الختان، فهذا من شأنه أن ينعكس بصورة إيجابية على زوجاتهم ورفيقاته".
حصل الباحثون قبل إجراء هذه الدراسة على موافقة كتابية من المشاركين والمشاركات في الدراسة بعد أن تلقوا محاضرات توعية عن طرق الوقاية من الإصابة بالإيدز، وأساسيات العناية بالجروح والامتناع عن ممارسة الجنس لفترة كافية حتى تلتئم الجروح الناجمة عن عملية الختان جراحيًا، كما حصل الرجال المشاركون على الواقي الذكري مجانًا وقدم الفريق البحثي الاستشارات الطبية للأزواج كما خضعوا للفحص لتحديد إصابتهم بالفيروس من عدمها.
وصرح الباحثون قائلين "كان هناك 1015 رجلاً مصابين بالعدوى وافقوا على إجراء عملية الختان على الفور، ومنهم من نصحه الأطباء والباحثون بتأجيل إجرائها سنتين لأغراض الدراسة وهم أعضاء المجموعة الضابطة، أما عن التوقيتات الإجرائية للدراسة فتم اختيارها بطريقة عشوائية".
وقد طلب فريق البحث من المتزوجين من أفراد عينة الدراسة دعوة زوجاتهم للمشاركة في الدراسة، وبالفعل استجابت للدعوة 566 من الزوجات، فيما بلغ عدد المشاركات غير المصابات بالعدوى 245 أي أنهم مثلوا 43% من إجمالي العينة، وركز التحليل النهائي الذي أجري للتوصل إلى نتائج الدراسة على 161 زوج وزوجة من المشاركين المنضمين إلى عينة الدراسة في الوقت نفسه، بحيث كان الأزواج مصابين ولكن زوجاتهم خاليات من العدوى.
أجريت عملية الختان لعدد 93 من الأزواج على الفور، فيما أرجأ 68 زوجًا إجراء العملية سنتين لكونهم من بين أفراد المجموعة الضابطة، وفي كلتا المجموعتين وجد أن احتمالات انتقال العدوى وصلت أعلى معدلاتها خلال الشهور الستة الأولى من فترة المتابعة، حيث بلغت نسبتها 27.3% في المجموعة التي أجرت الختان، و17.8 في المجموعة التي أرجأت العملية.
وأشارت الدراسة إلى أن تلك الاحتمالات انخفضت بصورة ملحوظة على مدار بقية فترة الدراسة على 5.7% بالنسبة للمجموعة الأولى، و 4.1 في المجموعة الثانية.
اقترن ارتفاع احتمالات الإصابة باستئناف المعاشرة الجنسية بين الزوجين في وقت مبكر أي قبل 5 أيام ممن نفذوا برنامجًا صحيًا معتمدًا لالتئام الجرح الناجم عن الختان بشكل كامل، مقارنة بالأزواج الذين استأنفوا الممارسة خلال 5 أيام من إتباع عناية طبية معتمدة لجرح عملية الختان.
وقال دكتور "واور" في لقاء صحفي إنه نظرًا لاعتماد الدراسة على عدد صغير من المشاركين وعدم إثبات نتائجها بالأدوات الإحصائية، فإننا بحاجة شديدة إلى المزيد من الدراسات من أجل تحديد الفوائد الخاصة بالختان بالنسبة للإناث والذكور بمزيد من الدقة، ومن أجل البحث عن طرق فعالة في خفض المخاطر المحتملة المقترنة باستئناف المعاشرة الجنسية بين الزوجين.
وأخيرًا توصلت الدراسة إلى تساوي التالي لكل مجموعة: معدلات استخدام الواقي الذكري، والإصابة بالالتهابات المهبلية( الناجمة عن العدوى)، والشعور بالألم أثناء التبول، وزيادة الإفرازات المهبلية والعدوى التي تصيب الجهاز البولي.