عرفات
حج ودعاء ووصول لم يذق فرحة اللقاء
هزار سلوم
دراسة تاريخية لغوية وصوتية ولونية تبين العلاقة بين اللغة ومدلولاتها
العودة .. اللقاء .. بدء جديد مع سنة أخرى تطل تحمل بين ساعاتها أملا.. لإشراقة جديدة وحج مبرورلسعي مشكور وذنب مغفور .. ولكن هل يغفر الإنسان ذنب أخيه بعد مغفرة الله للناس ؟؟
وهل كتب على الإنسان أن يحاسب أبدا على ذنب ربما لم يرتكبه أو حتى لايعرفه ؟؟
وهل القسوة تطال القلوب التي وضعت الرحمة فيها و التي تعلن عن طيبة الإنسان وإنسانيته إن هي طابت مع اللسان ..
تلك الإنسانية التي ما استطاع رسام أن يبدع في وصف دقائقها , ولا تجسيد ألوانها كما رسمها الإسلام والتي يظهر تألقها بأبدع صورة حياتية لونية وإيقاعية وروحية وجسدية وحتى رقمية كما تجلت في الركن الخامس من أركان الإسلام ألا وهو الحج
وجاء في الحديث : الحج عرفة .. فما العلاقة التي تربط الوقوف على جبل عرفات بتلك الصورة واللوحة المكتملة المعالم والناطقة الألوان ؟؟؟ لتفسير ذلك ..
سنبدأ الصورة .. صوتيا ولغويا ..
جاء في لسان العرب :
عرف : العرفان ,العلم قال ابن سيدة عرفه يعرفه عِرفان ومعرفة واعترفه
قال أبو ذُئيب : يصف سحابا :
مَرته النُّعامى , فلم يعترف خِلاف النُّعامى من الشّأم ريحا
ورجل عَرُوف وعَروفه ,عارف يَعرف الأمور ولاينكر أحدا رآه مرة ..
وقال طريف بن عمرو :
أو كلما ورد عُكاظ قبيلة بعثوا إلى عريفهم يتوسّم
أي عارفهم , وقيل رجل عارف أي صبور , وأضاف أعرف وعرّف إذا وقّفه على ذنبه ثمّ عفا عنه .
وهنا بيت القصيد فعرفة هنا معنى الغفران ومحو الذنب و..
ولذا كان الحج عرفة , والحج مغفرة فالحج لقاء وتواصل وعودة لمشاركة الأهل فرحة المغفرة واللقاء ..
ولكن حجاج غزة غفرلهم الله ولم ينالوا صكّ المفغرة من الناس .. وعوقبوا وأوقفوا .. ولم يلقوا الأهل .. ولم يعودوا بعد إلى الوطن .. متى وكيف وإلام ؟؟
قضية شغلت الرأي العام .. وحركت القلوب ولكن لم تحرك الأقلام لتوقيع قرار العفو
أن يعودوا إلى صورة الحج ليسمعوا لهيج التلبية وطلب المغفرة وتذوق طعم المسامحة ؟
وهل أروع من ذلك الطعم ؟؟
فلنقف وقفة مع معاني الحج لنرى تجلي أهداف الحياة السياسية والاجتماعية والإنسانية والدينية ولنتعلم منها معرفة ودرسا .. لنحقق الهدف والغاية الذي
كنا قادة وحكاما من أجل صيرورته ..
أول خطانا ستكون من الإحرام .. الغسول والطهور والإحرام .. اللون الأبيض الذي
يرسم النقاء والنظافة والطهارة . ويعكس لون القلوب بحقيقتها الفطرية الطيبة ..
أما الطواف .. فتلك الحركة الدائرية حول الكعبة التي ترسم المركزية حول هدف واحد .. هو الخلوص من أي تعددية ومن أي تجزء .. ترسم الحب والوحدة فبيتنا واحد ولقاؤنا واحد ..ومكاننا واحد .. ويجتمع في هذه اللوحة اللون والمكان والصوت
والمشاعر بلوحة
أأما الصفا والمروة فرمز للسعي والبحث ودعوة بأن لا يأس أبدا بل أمل بالمكافأة بعد الجهد والصبر , وهنا يتجلى أمامنا معنى آخر لمكانة المرأة حيث الدور الذي لعبته السيدة سارة وصبر وأمومة السيدة هاجر .. وماء يتدفق وبئر لا تنضب نبع شيدت من خصبه مدن وقامت به حضارات ..وصوت لغة .. زم .. زم .. كان مسمى لبئر ضم بين حرف الزال والميم معنى البقاء والخلود ..لأمة بدأت في مكة وانطلقت قوية من مدينة طيبة لشراب كان الأطيب .
أما ليالي منى .. تبدأ بصبح وعزم لرجم شيطان كان ذنبا في ماض وأشرق مع توبة .. وعودة ليوم ومستقبل جديد لنفس تأبى دائما إلا أن تعود للحق بعد كل ذّلة .. فنفس الإنسان المعرضة دائما لا تباع الهوى ولكنها دائمة الرجوع إلى الله ..
وتأتي الأضحية لترمز للعطاء .. وبذل كل رخيص في سبيل الله ..
تلك المعاني العظيمة .. تشير وترمز لأركان دولة قوية . وحب لا ينضب وصوت لا يخفت ولقاء للمشاعر تبقى رسالتها الحب ..
تلك المعاني كل منا يحتاج بعد قراءتها إلى معنى منها..
فهل يستطيع أي إنسان أن يرسم معالم حياة جميلة متكاملة صورة وروحا؟؟ ..
في اللباس واللون والصوت والتسامح والعدالة والمساواة والانضباط والأمل ..