كيف تعمل تقنية العلاج بالجينات Gene Therapy ؟
نتناول هذا الموضوع في موقعنا كونه إحدى اهتمامات علم الهندسة الطبية، وقد ترجمت الإجابة على هذا السؤال من مجلة Scientific American عدد شهر آب 2008 ص85، وهي تقنية نسمع عنها كثيراً هذه الأيام في علاج أمراض نقص المناعة وأبحاث علاج الأمراض المستعصية كمرض باركنسون، وأجاب على السؤال الدكتور آرثر ناينهويس، المختص بأبحاث أمراض الدم في مستشفى ومركز أبحاث سانت جود في مدينة ممفيس في الولايات المتحدة الأمريكية St.Jude Children's Hospital، ورئيس الجمعية الأمريكية للعلاج بالجينات.
تنطوي تقنية العلاج بالجينات على إضافة جينات جديدة إلى جسم المريض لكي يتم استبدال الخلايا السليمة بالخلايا التالفة أو تلك التي لا تقوم بوظائفها بشكل سليم، ويستخدم الأطباء في ذلك فيروسات تحمل الجينات المضافة إلى الخلايا، ويستفيدون في ذلك من الوظيفة الطبيعية للفيروسات، ألا وهي نسخ أحماضها النووية وزرعها داخل الخلايا التي تستهدفها.
يستطيع الأطباء القيام بتلك العملية داخل أو خارج جسم المريض، ففي الحالة الأولى، يتم حقن الفيروس الحامل للجينات بشكل مباشر داخل النسيج الحاوي على الخلايا التالفة والمستهدفة من العلاج، وتلك هي الطريقة المتبعة في محاولات علاج داء باركنسون، حيث تحقن الفيروسات داخل جزء معين من دماغ المريض مباشرة.
أما في حالة العلاج من خارج الجسم فإن الأطباء يأخذون خزعة ( أو عينة ) من دم المريض أو نقي عظامه لفصل بعض الخلايا غير الناضجة أو المتمايزة، ومن ثم يضيفون الجينات إلى تلك الخلايا ويحقنونها في مجرى دم المريض مرة أخرى، فتتوجه تلك الخلايا إلى نقي العظام حيث تنضج وتتضاعف بسرعة، لينتهي بها الحال إلى أخذ مكان الخلايا التالفة والمستهدفة من العلاج، ويهدف الباحثون الآن من أبحاثهم حول هذه الطريقة للوصول إلى استبدال كامل لنقي عظام المريض أو كامل دمه لعلاجه من مرض فقر الدم المنجلي الذي تسد فيه خلايا الدم الحمراء المنجلية مجرى الدم.
العلاج بالجينات من خارج الجسم
لقد تم استخدام العلاج بالجينات خارج الجسم في علاج عوز المناعة التركيبي الحاد SCID، حيث يكون المرضى بهذا المرض غير قادرين على مواجهة أي مرض معدٍ يصيبهم، وعادة ما يموتون في المراحل الأولى من طفولتهم. فمن أجل علاج هذا المرض، يستخدم الأطباء فيروساً من النوع retrovirus تتألف مادته الوراثية من حمض RNA وليس DNA، حيث يستخدم أنزيماً معيناً لنسخ محتواه الوراثي داخل جسم الإنسان إلى حمض الدنا DNA، وكمثال عليه فيروس الإيدز HIV، وهذا النوع من الفيروسات ملائم جداً لعملية حقن جيناته داخل حمض الدنا للخلايا المضيفة له. وقد عولج بهذه الطريقة 90% من الأطفال المرضى بمرض SCID من أصل 30 طفلاً، وقد أبدى 50% منهم فرصة للتحسن والعلاج التام في حال تطبيق الزرع التام لنقي العظام، وهو الهدف المستقبلي من هذه التقنية.
أما المخاطر من استخدام فيروسات من النوع retrovirus، فهي واحدة فقط ... حيث تشكل تلك الفيروسات احتمالاً لإقحام مادتها الوراثية في أي موضع من مواضع الحمض النووي DNA لدى المريض، مما قد يسبب تعطيلاً لجينات أخرى وبالتالي الإصابة بسرطان الدم Leukemia، وظهرت هذه الحالة عندما عولج 5 أطفال من مرض SCID بتلك التقنية، وقد تغلب 4 منهم على السرطان ونجح العلاج، ولكن واحداً منهم قد أصيب بسرطان الدم نتيجة العلاج. فيعمل الأطباء والباحثون حالياً على تخفيض احتمال الإصابة بسرطان الدم بعد العلاج.
على الرغم من توفر العديد من الأدوية في أسواق الدول المتقدمة والتي تعالج باستخدام الجينات، إلا أن البحث ما زال في بداياته لعلاج أخطر الأمراض بتلك التقنية، كمرض باركنسون، مما يجعل منها أملاً واعداً للأطباء والباحثين لعلاج المزيد والمزيد من الأمراض المستعصية.