الصلاة والخمر هل يجتمعان؟

نور · 04-22-2012, 04:12 PM

الصلاة والخمر هل يجتمعان؟

يقول المولى تبارك وتعالى في سورة المائدة 90, 91: يا أيها الذين ’منوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون* انما يرد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة, فهل أنتم منتهون

وقبل أن نتناول قضية الخمر, سنتناول قضية الميسر فقد ورد في تفسير ابن كثير رحمه الله: يقول الله تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر وهو القمار, وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: الشطرنج من الميسر, وقال مجاهد وعطار رحمهما الله: كل شيء من القمار فهو من الميسر, حتى لعب االصبيان بالجوز.
وقال القاسم بن محمد رحمه الله: كل ما ألهى عن ذكر الله عزوجل وعن الصلاة فهو من الميسر, وورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لعب بالنرد شير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه,.. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لعب النرد فقد عصى الله ورسوله, والله تبارك وتعالى يقول في سورة الجن: 23: ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها أبدا.....وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال عن الشطرنج: انه شر من النرد, ونصّ على تحريمه
كل من الأئمة أبو حنيفة وابن حنبل ومالك وكرهه الامام الشافعي رحمعم الله جميعا,

أما قضية الخمر, فهي قضية شائكة كون الخمر أم الخبائث كما ورد في الحديث, والخمر ما سمي خمرا الا لأنه يخمّر العقل ويغيبه عن الوعي والادراك, وأول آية بشأن الخمر نزلت آية 219 من سورة البقرة يقول فيها المولى تبارك وتعالى: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما
والاثم هنا الذنب, وسميت الخمرة اثما لأنّ شربها سببه الاثم, ولقد أحسن من قال

شربت الاثم حتى ضلّ عقلي كذاك الاثم تذهب بالعقول

وكما في هذه الآية الكريمة نلاحظ أن حكم تعاطي الخمر وحكم اللعب بالقمار ضررا عظيما واثما كبيرا , وما المنافع التي تأتى منهما الا منافع مادية تكاد لا تذكر أمام الاثم العظيم, ومن أحسن الله قولا وهو رب العزة والجبروت يخبرنا عن الأثار السيئة والخبيثة المترتبة عن هاتين الصفتين الخبيثين اللتين تولد العداوة والبغضاء بين الناس كما جاء في قوله تعالى في سورة المائدة كما جاء في مستهل الحديث, فضياع العقل وذهاب المال وتعريض البدن لمختلف الأمراض والأسقام من جراء الخمر, وما يجره القمار من تدمير البيوت الآمنة ودمار الأسر وما ينتج عن ذلك من الشحناء بين المتقامرين الذين يلعبون القمار, كل ذلك محسوس وملموس ومشاهد , واذا ما قيس الضرر الفادح بالنفع التافه نستنتج خطر المنكر الخبيث
, ,
والآن هيا بنا نستعرض معا بعض الأحاديث الواردة في بيان تحريم الخمر لنلمس السر من وراء تسميته بأم الخبائث: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حرمت الخمر ثلاث مرات
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر, فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فأنزل الله تعالى: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما ... فقال الناس: ما حرما علينا, انما قال: فيهما اثم كبير, وكانوا يشربون الخمر حتى كان يوما من الأيام صلى رجل من المهاجرين , أمّ أصحابه في المغرب فخلط في قراءته, فأنزل الله آية أغلظ منها فقال: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون.. فكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مغبق, ثم أنزلت آية أغلظ منها: يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان قاجتنبوه لعلكم تفلحون* انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة, فهل أنتم منتهون... عندها قالوا: انهتينا ربنا.. وقال الناس: يا رسول الله! ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا عبى سرفهم’ كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر’ ةقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان, فأنزل الله تعالى قوله في سورة المائدة 92: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا وعملوا
الصالحات ثم اتقوا وأحسنوا, والله يحب المحسنين.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر

وفي الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن, ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن, ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن... ومعنى هذا كما قال عثمان رضي الله عنه : أنّ المؤمن اذا ارتكب أحد هذه الموبقات الثلاثة ينتفي الايمان عن فاعلها لأنّ الايمان والخمر أو الزنى أو السرقة لا يجتمعان في قلب عبد مؤمن أبدا الا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه.

وعن أسماء بنت زيد أنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة, ان مات مات كافرا, وان تاب تاب الله عليه, وان عاد كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال... قال رضي الله عنها وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: صديد أهل النار.

من هم الملعونون في الخمرة:

الملعونون في الخمرة تسعة أشخاص وردوا في حديث رواه الطبراني والحاكم رحمهما الله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

أتاني جبريل فقال: يا محمد ! إن الله عز وجل لعن الخمر ، و عاصرها ، و معتصرها ، و شاربها ، و حاملها و المحمولة إليه ، و بائعها ، و مبتاعها ، و ساقيها ، و مستقيها

نكتفي بهذا القدر من الحديث عن هذه الفاحشة والكبيرة الموجبة للنار ان مات صاحبها بلا توبة, وندعوكم أيها الأخوة والأخوات في الله الى متابعة فتوى للشيخ حامد العلي رحمه الله حول الصلاة والخمر
: :
أحد الأخوة في الله يسأل فيقول

السلام عليكم ياشيخ ورحمة الله وبركاته

أنا شخص مدمن لشرب الخمر ولكن لا أترك الصلاة فهل صلاتي مقبولة؟
جزاك الله خير فأنا في حيره من أمري

*******************

جواب الشيخ حامد العلي رحمه الله

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد
أولا سأذكر لك بعض الاحاديث التي قالها صلى الله عليه وسلم في شان الخمر

فمن ذلك أن صلى الله عليه وسلم جعل مدمن الخمر كعابد الوثن
قال : مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن رواه البخاري في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه ـــــــــــ
ومن ذلك أنه جعل شربها سببا في حدوث المسخ إلى قردة وخنازير والعياذ بالله تعالى
ففي حديث رواه البخاري رحمه الله عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف ، و لينزلن أقوام إلى جنب علم ، يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة ، فيقولون : ارجع إلينا غدا ، فيبيتهم الله ، و يضع العلم ، و يمسخ آخرين قردة و خنازير إلى يوم القيامة
ـــــــــــــ

وفي شأن الملعونون مع الخمرة , فقد روى الطبراني والحاكم رحمهما الله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتاني جبريل فقال يا محمد إن الله عز وجل لعن الخمر ، و عاصرها ، و معتصرها ، و شاربها ، و حاملها ، و المحمولة إليه ، و بائعها ، و مبتاعها ، و ساقيها ، و مستقيها
ــــــــــــ
ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنها مفتاح كل شر
فقد روى عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه : قال صلى الله عليه وسلم : إن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا ، فخيره بين أن يشرب الخمر ، أو يقتل صبيا ، أو يزني ، أو يأكل لحم الخنزير ، أو يقتلوه إن أبى ، فاختار أن يشرب الخمر ، و إنه لما شربها لم يمتنع من شيء أرادوه منه ، و إن رسول الله قال لنا حينئذ : ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ، و لا يموت و في مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة ، و إن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية رواه الطبراني والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .
ــــــــــــــ
وفي رواية لأبو داوو رحمه الله, قال صلى الله عليه وسلم
اجتنبوا الخمر ، فإنها أم الخبائث ، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد ، فعلقته امرأة غوية ، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له : إنا ندعوك للشهادة ، فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه ، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام ، وباطيه خمر ، فقالت : إني والله ما دعوتك للشهادة ، ولكن دعوتك لتقع علي ، أو تشرب من هذه الخمرة كأسا ، أو تقتل هذا الغلام ، قال : فاسقيني من هذا الخمر كأسا ، فسقته كأسا ، قال : زيدوني ! فلم يرم حتى وقع عليها ، وقتل النفس . فاجتنبوا الخمر ، فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر ، إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه
ــــــــــــ
وروى الطبراني رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما , قال النبي صلى الله عليه وسلم :
الخمر أم الفواحش ، و أكبر الكبائر ، من شربها وقع على أمه و خالته و عمته
ـــــــــــــ

ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أن صلاة شارب الخمر مردودة عليه ، مالم يتب إلى الله تعالى
فقال عليه الصلاة والسلام: الخمر أم الخبائث ، و من شربها لم يقبل الله منه صلاة أربعين يوما ، فإن مات و هي في بطنه مات ميتة جاهلية رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ــــــــــــــ
كما ذكر أن مدمن الخمر لا يدخل الجنة
قال صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ، والديوث ، وثلاثة لايدخول الجنة ، العاق لوالديه ، والمدمن الخمر ، والمنان بما أعطى ) رواه أحمد والنسائي والحاكم من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما .
ــــــــــــ
وذكر صلى الله عليه وسلم أن مدمن الخمر يسقى من عصارة أهل النار
قال : من شرب الخمر فسكر ؛ لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن مات دخل النار،فإن تاب تاب الله عليه،فإن عاد فشرب فسكر ؛ لم تقبل له صلاة أربعين صباحا،فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد فشرب فسكر ؛ لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة؛كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة قالوا:يا رسول الله!وما طينة الخبال؟قال : عصارة أهل النار .رواه البيهقي من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما .
ــــــــــ
فهذا الاحاديث الشريفة ، وكلها أحاديث صحيحة ، تبين ان شرب الخمر ، خطر عظيم ، ولانقول لك اترك الصلاة ، لانك إذا تركت الصلاة كفرت والعياذ بالله تعالى ، ولكن نقول لك تب من شرب الخمر ، وادع الله تعالى أن يصرف قلبك عنها ، ويبدلك خيرا منها ، وسأدلك على وسيلة تركها ، صاحب الصالحين ، فإنك إذا صاحبتهم ، أخذوا بيدك إلى طريق الهداية ، وأدعوك إلى حضور اجتماعنا كل يوم ثلاثاء بعد صلاة المغرب في مسجد عياش بن أبي ربيعة الرقة قطعة واحد ، حيث نقرأ القرآن ونتدارسه في اجتماع عام ، فلعل الله تعالى أن يفتح عليك بحضور مجلس الذكر بتوفيق الله تعالى وأسأل الله لك الهداية إلى التوبة النصوح .

والله وحده أعلم

وجزا الله عنا الشيخ حامد العلي خير الجزاء ورحمه الله رحمة واسعة

ملاحظة هامة للأخوة والأخوات في الله

من لم يكفيه القرآن واعظا فالموت يكفيه, وأيّ فتوى تجدونها على شبكات الانترنت وفيها تساهلا بشأن الخمر, فلا تأخذوا بها, فهناك الكثير من المفتين سامحهم الله كانوا قد تساهلوا بأمر الخمر مع أنها أم الخبائث, ولعلّ الأحاديث الواردة في هذا البحث تدحض أيّ ادعاء يخالف القرآن الكريم ويخالف قوله صلى الله عليه وسلم , ونحن مؤمنون بقوله عليه الصلاة والسلام بشأن الخمر: على أنها مفتاح كل شر وأم الخبائث