حكم التصدق على الكافر
بسم الله الرحمن الرحيم هل تجوز الصدقة على مسلم لا يصلي ؟ وإذا كان تارك الصلاة كافراً فما حكم الصدقة على الكافر ؟ .
الجواب :
1. إن كان المتصدِّق لا يرى كفر تارك الصلاة : فحكم التصدق عليه الجواز كحكم التصدق على العصاة إلا فيما يستعان به على معصيته فلا يحل التصدق عليه .
ولا شك أن غيره ممن يصلي أولى منه ؛ إلا أن يراد بالصدقة التودد له والتحبب لتأليف قلبه على الصلاة فتكون الصدقة عليه – مع فقره وحاجته – أولى من الفقير الذي يصلي أصلاً .
2. إن كان المتصدِّق يرى أن تارك الصلاة كافر مرتد : فلا يحل التصدق عليه ، وليست هذه المسألة مما يذكره العلماء في " حكم الصدقة على الكافر " ؛ لأن أحكام الردة ليست كأحكام الكفر الأصلي .
3. وأما حكم الصدقة على الكافر :
أ. فإن كانت الصدقة مفروضة – كزكاة المال والفِطر - : فلا يجوز إعطاءها لكافر بسبب فقره ومسكنته بالإجماع .
قال ابن المنذر - رحمه الله - :
وأجمعوا على أنه لا يجزئ أن يعطى من زكاة المال أحد من أهل الذمة .
وأجمعوا على أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئاً .
" الإجماع " ( ص 47 ) .
وإن كان من أجل تأليف قلبه على الإسلام : فيجوز أن يُعطى من زكاة المال لا من زكاة الفطر .
قال تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/ 60 .
قال ابن الجوزي :
قوله تعالى { والمؤلفة قلوبهم } وهم قوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألفهم على الإسلام بما يعطيهم، وكانوا ذوي شرف ، وهم صنفان : مسلمون وكافرون .
فأما المسلمون ، فصنفان : صنف كانت نياتهم في الإسلام ضعيفة فتألفهم تقوية لنياتهم كعيينة بن حصن والأقرع .
وصنف كانت نياتهم حسنة ، فأعطوا تألفا لعشائرهم من المشركين مثل عدي بن حاتم .
وأما المشركون ، فصنفان : صنف يقصدون المسلمين بالأذى فتألفهم دفعاً لأذاهم مثل عامر بن الطفيل ، وصنف كان لهم ميل إلى الإسلام تألفهم بالعطية ليؤمنوا كصفوان بن أمية .
وقد ذكرت عدد المؤلفة في كتاب " التلقيح " وحكمهم باق عند أحمد في رواية ، وقال أبو حنيفة والشافعي : حكمهم منسوخ ، قال الزهري : لا أعلم شيئاً نسخ حكم المؤلفة قلوبهم .
" زاد المسير " ( 3 / 457 ) .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل يجوز إعطاء الفقير الكافر زكاة الفطر؟ .
فأجاب :
لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 18 / 433) .
ب. وأما صدقة التطوع : فمن العلماء من منعها مطلقا ومنهم من أجازها مطلقا ، ومنهم من فرَّق بين المحاربين فمنع من التصدق عليهم وبين المستأمنين والمعاهدين فجوَّزوا التصدق عليهم ، وهذا أوسط الأقوال وأرجحها .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل تجوز الصدقة على الكافر ؟ .
فأجاب :
اقرأ قول الله تعالى في سورة الممتحنة: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ } وهذا إحسان { وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } [الممتحنة:8] وهذا عدل.
فتجوز الصدقة على الكافر بشرط: ألا يكون ممن يقاتلوننا في ديننا، ولم يخرجونا من ديارنا، لكن إذا كان قومه يقاتلوننا في الدين أو يخرجوننا من ديارنا فلا نتصدق عليه؛ لأننا إذا تصدقنا عليه وفرنا وجبة من الوجبات، والوجبة تكون بعشرة ريالات، العشرة هذه يوفرها لدولته ويستعين الكفار بها على المسلمين، فإذا كان من قوم لا يقاتلوننا في دين الله ولا يخرجوننا من ديارنا فلا بأس أن نتصدق عليه.
أو إذا كان ممن يرجى إسلامه؛ يعني: بعض الكفار الذين يأتون إلى هذه البلاد تلين قلوبهم ويرجى إسلامهم، والمال مما يجب المودة، قال في الحديث: ( تهادوا تحابوا ) وكما جعل الله المؤلفة قلوبهم من الزكاة؛ لأن هذا يقربهم، وفعلاً هذا وقع، بعض الكفار أسلم لما رأى لين المعاملة من بعض كفلائهم وأنه يهدي إليه ويتصدق عليه أسلم، فإذا كان يرجى إسلامه بعطية أو بهديه إليه فلا بأس.
" لقاء الباب المفتوح " ( 100 / السؤال رقم 21 ) .
والله أعلم