من ساحة الأصنام و الأوثان من مسرح الطاغوت و الطّغيان
من غابة الوحشية الرعنا و من دنيا القتال و موطن الأضغان
من عالم الشر المسلّح حيث لا حكم لغير مهنّد و سنان
بزغت تباشير السعادة و الهدى بيضا كطهر الحبّ في الوجدان
و أهلّ من أفق الغيوب على الدنى فجران فجر هدى و فجر حنان
يا فرحة العليا أهلّ محمد و عليه سيما المجد كالعنوان
و أطلّ من مهد البراءة . و السما و الأرض في كفّيه تعتنقان
***
ماذا ترى الصحرا ؟ أنوارا سائلا أم أنّه حلم على الأجفان
فتحت نواظرها فضجّ سكونها مالي أرى ما لا ترى عينان
و تلفّتت ربوات مكّة في السنا حيرى تكابد صمتها و تعاني
و تكاد لولا الصّمت تسأل جوّها ماذا ترى و متى التقى فجران ؟
و تيقّظ الغافي يرى مالا ترى في الوهم روح الملهم الفنّان
نزل البسيطة بالسلام محمد كالنصر عند مخافة الخذلان
يا صرعة الطاغوت أشرق بالهدى رجل الهداية و الرسول الباني
فإذا الجزيرة فرحة و صبابة و الجو عرس و الحياة أغاني
و إذا العداوة وحدة و أخوّة و البغض حبّ و النفور تداني
هتفت شفاه البعث فانتفض الثرى و تدافع الموتى من الأكفان
زخرت و ضجّت بالحياة قبورها واهتاجت الأرواح في الأبدان
و تلاقت الدنيا يهنّيء بعضها بعضا فكل الكائنات تهاني
***
ولد الرسول من الرسول و من رأى طفلا له عليا الخلود مغاني
يسعى إلى العليا و تسعى نحوه فكأنّ بينهما هوى و أماني
من ذلك الطفل الذي عصم الدما و حمى الضعيف من القويّ الجاني
و تناجت الأكباد حوله جلاله بالحبّ الحور و الولدان
***
من ذلك الطفل الفقير يشعّ من عينيه تاريخ و سفر معاني
ما شأن هذا الطفل ما آماله ؟ فوق المنى و الشأن و السلطان
هذا اليتيم و سوف يغدو وحده رجل الخلود وواحد الأزمان
و تحقّق الأمل الجميل و أينعت روح النبوّة في أجلّ كيان
حمل الرسالة وحده و مضى على حدّ السيوف و ألسن النيران
عبر المهالك و السلام سلاحة يدعو إلى الحسنى ، إلى الإحسان
و إلى الأمانه و البراءة و التقى و محبّة الإنسان للإنسان
و إلى التآخي و التصافي و الوفا و البرّ و العيش الظليل الهاني
فتجاوبت حوليه أحقاد العدا و تفجّرت في الدرب كالبركان
فمشى على نار الحقود كأنّه يمشي على الأزهار و الغدران
و عدا الحقيقة حوله تجتاحهم همجيّة دمويّة الألوان
و غواية تصبي الغويّ كأنّها شيطانه توحي إلى شيطان
و محمد يلقي الأشعة ها هنا و هنا و يفتح الوسنان
فطغت أعاديه عليه فردّهم بالآيتين : الصبر و الإيمان
واقتاد معركة الفدى متفانيا إن الجهاد عقيدة و تفاني
و الحقّ لا تحميه إلاّ قوّة غضبى كألسنة اللّهيب القاني
و الأرض أم الناس ميدان الوغى و العاجزون فريسة الميدان
و المجد حظّ مدرّب و مسلّح و الموت حظّ الأعزل المتواني
رفع الرسول لوا النبوّة بالهدى و حمى الهدى بالرمح و الفرسان
و غزا البلاد سهولها ووعورها بالقوّتين : السيف و القرآن
و تراه إن لمست يداه بقعة نشأت على الإصلاح منه يدان
و إذا أتت قدماه أرضا أطلعت خطواته فجرا بكل مكان
إن الزعامة قوّة و عداله و شجاعة سمحا و قلب حالي
***
يا خير من حمل الرسالة و التقى في عزم روح في أرقّ جنان
ذ**** آيات الزمان كأنّها أنشودة العليا بكل زمان
***
أمحمّد خذ بنت فنّي إنّها أخت الزهور بريئة الألحان
و عليك ألف تحيّة من شاعر في كلّ عضو منه قلب عاني