العاصفة
أخفضوا الأصوات , خلّوا السلاح خلوا ,
لتمرّ العاصفة
حان أن تذرع هذا المسرح المخدوع بالأوهام ,
فالطفل الذي طوّف في المنفى يعود
باحثا عن أمه المسبيّة الأحلام من عشرين عام
بعدما أنبت هذا المسرح الكاذب في العينين صبّارا وشوكا
فالهتافات وأزهار الوعود
لم تكن إلاّ ظلالا زائفه
حان دور العاصفه
****
مثلما يطلع صبح
مثلما يعبر رمح
في صميم الليل ماتت كلّ غيلان الأساطير ,
ترامينا على الأبواب , كسّرنا مرايانا القديمة
فاحضنينا
وأعيدينا من المنفى إليك
أنت يا ضوء ليالينا , ويا خبز اليتامى
يا اشتياق الظامىء الملهوف أن يروي غليله
منك يا روح القبيلة
تورّق الأشجار
زنبقات الحزن في قلبي ,
يعانقن الظهيرة
يتساقطن على طاولة المقهى ..
ووجهي لوحة ,
ينقصها اللون الأخير
قهوتي تبرد في ظلّ الشبابيك الحزينة
وأنا أرقب أن تأتي ,
ولكن ..
خاننا التوقيت في هذي المدينة
أعرضت عن وجع اثنين مضاعين :
أسير وأسيرة
زنبقات الحزن في قلبي
يعانقن الظهيرة
***
" إمبارح جينا حارتكم
يا دار ما بيّنتو
يا علّة في الصدر
ما يداويها إلاّ انتو .."
والذي أحضرني اليوم هنا
كانت رصاصة
أخطأتني أمس أثناء العبور
حين تابعنا المسيرة
زنبقات الحزن في قلبي ,
يعانقن الظهيرة
***
عذّبتني وأنا أمضي إليها
عفّرتني برمال الأرض , آه
آه , كم كان جميلا
ذلك الرمل الذي ,
يمسح عن وجهي التعب
وهو يستنبت في قلبي ,
أشجار الغضب
***
أنا أحببت زهور الياسمين
منذ أشرعنا الكوى ذات مساء
صار حبّي شجرا ,
ينبت في كلّ الحدائق
فأنا أعرف أن الموت ,
قد يأتي وقلبي
بعد لم يفرح بزهرة
قطفتها لي يداك
فوق أرض الشام مرّة
فلذا أنزف محموما ,
لذا حبّي صادق
***
أستبيح الأرض عذرا
أمس في الطابور والخندق ,
عانقت ظلالك
كانت الغابة موسيقى ,
من الصمت وكانت
تورق الأشجار ,
مع صوت البنادق
فاستحال العرق المخلوط بالرمل ,
على جلدي رياحين وعطرا
وحضنت الظلّ كالطفل ,
وأسندت جبيني
مستريحا ..
وتنسّمت على مهلي
شذي أرض الوطن
***
تحت حدّ السيف يا حبّي ,
وفي ظلّ السلاسل
وعلى الدرب الذي يفضي ,
لساح الجلجلة
تطلع الآن من الجرح ,
أناشيد وعود , وسنابل
وشظايا فوق أرض المعركة
يا حبيبي ,
***
إنّني أفهم أن يبكي نورس
حينما يقضي سحاب اليوم جائع
وأنا أفهم أن تعبس ,
في وجهي الشوارع
حينما تبعد عن عيني الحبيبة
وأنا أفهم أنّ الانتظار
خطوة نحو مرايا الضوء ,
ميلاد خصوبة
وتباشير نهار
فلماذا صوتي الآن تيّبس ؟
***
إغرسي السكين في صدري ,
وخلّيني أموت
شهقة تتبع شهقة
في حنايا الزرع ,
في ظلّ البيوت
واسدلي آه على وجهي خرقة
ودعيني لندى الأعشاب ,
أبتلّ
فأحيا
وأعود
أنت يا رفض المزامير التي بحّت أسى مرّا ,
ولم تخرسك أجراس الهزيمة
السقوط في المنفى
صار للريح طعم الدم
والأغاني بكاء
لا تجيئي لمأتمي
وتقولي لي العزاء
***
وجهك الأمس كان لي
كان خبزي ومطرحي
والحكايات بيننا
تمّحى , آه تمّحى
لحظة الحب والعناق
كبر الآن جرحنا
راعفا خارج الوطن
كيف لا تخجل المحن *
تحت شبّاكنا بكاء
يتلوّى على ,
جمرة الهجر والفراق
فاغفري لي وقوفي
على شرفة القنوط
وأسعفيني من السقوط ..
صار للريح طعم الدم
ليته خانني فمي
ليت دمعي انهمر
قبل أن قلت للتي
قلبها الطيب انكسر
هات مفتاح غرفتي
هات إنّي على سفر
ليت أن ..
قمر الجوع
أمطري في القلب ,
زخّات عذابات وجوع
أمطري ..
أرضي ظمأى ,
وأنا تجتاحني حمّى الرجوع
أمطري أيتها الذكرى ,
ورشّي العين حبّات دموع
فالمغنّي كمّموا فاه ,
وسدّوا ..
بحجار القهر بابه
خطفوا منه الربابة ..
***
مرّة أخرى يعود الآن ,
يستجديك رشفة ..
آه من بخل الزمان
إذ يغلّ الفقر أيامك ,
لا تمنح رجفة
رجفة الصعلوك
إذ يحظى بخبز وأمان ..
أعطني من صمتك الطافح ,
حزنا ومرارة
أعطني من شجر الأيام ,
من لحم التواريخ القديمة
أعطني منها العصارة
علّه يطلع من حقل الرماد
قمر الجوع رغيفا وثمارا
علّني أبعث من هذي التعاسات ,
نبيّا ..
بين عينيه البشارة ..
آثار جرح
من يمنح الحنان في بيروت *
فاطمة التي شممت في حروفها ,
تنفّس الأعشاب في الحقول
فاطمة التي تمزّقت على أسلاكها ..
آهات قلبي الذبيح
راحت وخلّتني أموت
مخّيما
على ضفاف اليأس والسكوت
ماذا أخطّ أو أقول ؟*
في دفتر الأوجاع والجروح
فالحزن في بيروت
يحاور الأشجار , يسكن البيوت
أبو فراس ها هنا يموت
من دون قيد الروم ,
ها هنا يموت
فلتفزعي إليه ..
***
وقفت خلف بابكم , ناديت
لكنّني أواه , ما افتديت
أنا الغريب
في أرضكم تدّعني ..
عيونكم , شفاهكم , قلوبكم
ويستمر , يستمر ..
مدّ شوقي المشرّع الكوى
لأن أضمّكم
في جانحي يا أحبتي
برغم أنّكم
قوّستمو أخي وصاحبي
ولم تزل في ظهري المحنّي صلية .
وفوق حاجبي
آثار جرح
عزف منفرد
الأغاني انطفأت هذا الصباح
والمدينة
غادة ترفض ودّي
وأنا أبحث في كلّ الوجوه
عن يد تسند ظهري
ها أنا أسقط وحدي
وسط هذا الشارع المملوء ..
بالأقدام ملتفّا بصمتي
ليس لي قدرة أن أصرخ ,
من يسمع صوتي ؟*
هذه الصحراء رحب لا يحدّ
الحوانيت بوجهي مقفلة
وعيون السابلة
أسهم تعبر جسمي ..
لا تراني
والأغاني ,
الأغاني انطفأت هذا الصباح
فتحسست الجراح
والسكاكين التي ,
تغرس في القلب على ..
إيقاع أنغام حزينة
ليتني أستطيع أن أبعث ,
من هذا الرماد
نبضة الفرحة والميلاد ..
أهديها لطفلي
وجه طفلي ,
لم يزل يسأل عن موت المدينة ..
الدفوف
تقاسمتك ادفوف
عشية الحب ماتا
فما فاد الوقوف
ولا مللت التفاتا
***
قد عزّ طيفك حتى
ذابت جموع الأغاني
صلبت جبنا وصمتا
بكيت مما أعاني
***
كبرت عندي حضورا
على حدود المكان
وظلّ قلبي أسيرا
مسافرا في الزمان
القهر
لو اليدان يا حبيبتي طليقتان
ما نّوحت في أفقنا حمامتان
غداة قوّست يد الردى
وحيدنا
الفراق
حين كتبنا إسمينا المرتاعين ,
على جذع شجرة
سقطت ثمرة
وبكت حزنا
أينع فينا الوجع الحارق
والعالم جنّا