تحذير: أعشاب علاج طبيعية قد تسبب التسمم والوفاة
يتساءل الكثيرون عن العلاج بالأعشاب: هل هو حقيقة أم وهم؟ وللرد على هذا التساؤل يقول الدكتور عزالدين الدنشارى، أستاذ الفارماكولوجى والسموم، فى صيدلة القاهرة: «إن هذا العلاج قد يكون حقيقة وقد يكون وهماً، فإذا أخذنا بالأسباب واستندنا إلى الدراسات والبراهين العلمية كان العلاج حقيقة مؤكدة، أما إذا كان استخدام الأعشاب استخداماً عشوائياً، لا يستند إلى الحقائق العلمية، وتؤيده افتراضات شخصية أو دراسات ضعيفة غير مؤكدة، فإنه يعد وهماً ودجلاً وشعوذة، قد تؤدى إلى المخاطر والهلاك لمن يستخدم العشب».
وأضاف: «حتى تكون الصورة واضحة يمكن تقسيم الأعشاب إلى مجموعتين، الأولى تضم أعشاب توارثتها حضارات بعد أخرى، وأصبحت تراثاً شعبياً، وهذه الأعشاب منها ما يستخدم للتنشيط البدنى والذهنى، مثل الشاى والقهوة، ومنها ما يستخدم لعلاج أعراض مرضية بسيطة، مثل النعناع والينسون والقرفة والزنجبيل والثوم، ورغم أن هذه النوعية من الأعشاب لم يتضح أى ضرر من استخدامها على مدى سنوات طويلة، فإن البحوث الحديثة كشفت أن بعضها قد يسبب أضراراً إثر استخدامها فى حالات أو ظروف معينة، فقد تبين أن تعاطى بعضها، مثل الجريب فروت، قد يؤدى إلى زيادة مفعول بعض الأدوية المصنعة وسميتها، وأن تعاطى أعشاب مثل العرقسوس والجنسنج يسبب تقليل فاعلية الأدوية المستخدمة فى علاج ارتفاع ضغط الدم».
وأوضح «أن هناك أعشاباً تزيد من مخاطر الأعراض الجانبية لبعض الأدوية، فتعاطى الثوم أو الزنجبيل أو الكركم مثلاً، قد يسبب حدوث نزف فى المرضى الذين يعالجون بأدوية تساعد على زيادة سيولة الدم. وهناك أعشاب تمثل خطراً على الحوامل والأجنة، حال تعاطى القهوة والعرقسوس بكميات كثيرة، والسنامكى والشيح والنعناع، وقد تبين أن إفراط المرضعات فى تعاطى الشيكولاتة - وهى من أصل عشبى - والشاى والقهوة، يؤدى إلى الإصابة بالأرق والعصبية والرعشات والإسهال للأطفال الرضع، كما يؤدى تعاطى الثوم إلى تغير طعم لبن الأم، مما يترتب عليه عدم تقبل الطفل للرضاعة، وقد يسبب تعاطى الثوم إصابة الرضيع بالمغص».
وأشار الدكتور «الدنشارى» إلى أن المجموعة الثالثة تضم منتجات عشبية أو عناصر عشبية أو عناصر فعالة مستخلصة من الأعشاب، على أسس علمية، لاستخدامها فى علاج الأمراض، وحتى تتحقق فاعلية المنتج العشبى فى علاج مرض ما، وللتأكد من أمان استخدامه، لابد من إجراء دراسات على حيوانات التجارب، وأخرى على الإنسان، تفيد بأن العشب فعال، ولا يسبب أضراراً للمريض.
وقال: «تتحدد من خلال هذه التجارب مقادير الجرعات المناسبة لعلاج المرض والجرعات السامة، التى تلحق الضرر بالمريض، وقد تستغرق هذه الدراسات بضع سنوات»، ولفت إلى أنه بدون إجراء التجارب المطلوبة، لا يتحقق الهدف المرجو من استخدام العشب، وهو علاج المرض، دون إلحاق الضرر بالمريض، فإذا أغفل الجانب العلمى واستخدم العشب استخداماً عشوائياً غير مؤسس على دراسات علمية، فقد نصل إلى حد الخطر للمريض.
وأضاف: «قد يسبب الاستخدام العشوائى حدوث أعراض جانبية، قد تصل إلى حد الوفاة»، ولفت إلى أن هناك واقعة حدثت فى مصر، مفادها أن طبيباً توفى على أثر تناوله خلطة عشبية لعلاج التهاب الكبد الفيروسىc، وصفها له أحد مدعى العلاج بالأعشاب، الذى ظل يعالج مرضى الكبد دون رقيب أو حسيب عدة سنوات، حتى وقعت الكارثة بوفاة الطبيب، وربما نتجت عن استخدام هذه الخلطة كوارث أخرى لم يكشف عنها النقاب بعد، كما كشفت نتائج التحاليل الطبية أن هذه الخلطة تحتوى على سموم أفلاتوكسينAflatoxins، التى: تسبب سرطان الكبد، وسموم أخرى تسبب الفشل الكلوى». وقال: «هناك احتمال أن تكون هذه الخلطة أو غيرها من المستخدمة عشوائياً، ملوثة بمبيدات حشرية سامة، أو مغشوشة بأعشاب ضارة أو أعشاب عديمة المفعول، أو مضافة إليها أدوية لا تستخدم إلا بموجب تذكرة طبية، وقد يترتب على إضافة دواء أو أكثر من هذه الأدوية إلى المنتج العشبى حدوث مضاعفات مرضية، قد تصل إلى حد الخطر الشديد والوفاة لمن يتناولها». وأضاف: «قد يكمن الخطر فى تناول المريض عشباً لا يشفيه من المرض الذى يشكو منه، فإذا كان يتناول عشباً وصفه له أحد أصدقائه لعلاج ضغط الدم المرتفع مثلاً، وكان هذا العشب غير خاضع للدراسات العلمية، فإن ضغط دم المريض سوف يستمر فى الارتفاع، الذى قد يصل إلى حد الخطر الداهم على المريض