إلا أن الأميرة لؤلؤة لصغر سنها لم تكن تتخيل بان أي
مكروه سيلحق بها طالما هي في كنف ملك البلاد الذي يملك قوة
ملك الغابة الذي سمعت عنه بالقصص التي ترويها لها مربيتها
قبل النوم..
الأميرة لؤلؤة عرفت عن ملك الغابة انه
يجلس بعرينه ولا يتحرك منه إلا إذا سمع
نجدة من حيوان
ضعيف من
وحوش الغابة ،هكذا تصورت الأميرة الصغيرة ملك الغابة ..
ظنت انه كوالدها ملك البلاد فلطالما
استغاث به الضعفاء من أبناء شعبه
لحمايتهم و
نصرتهم .
وفي يوم من أيام المملكة السعيدة أعلن الملك عن
بدء الاحتفال السنوي الذي يقام في كل عام إيذانا ببدء رحلة
الصيد السنوية التي يقوم بها الملك وأبناؤه الصبيان و خيرة
الصيادين في المملكة.
احتفال
هذا العام مختلف أيضا لان
اصغر أبناء الملك من الصبيان الأمير مرجان
سينضم للرحلة
أول مرة خاصة وانه بلغ من العمر
عشرة أعوام.
كان الأمير مرجان هو
أكثر الإخوة المقربين
لقلب أخته الصغيرة لؤلؤة .
في
صباح اليوم التالي من الاحتفال الكبير الذي زين أرجاء البلاد بالسعادة بدأ الملك وحاشيته من الأمراء والوزراء والصيادين والجنود
التأهب للرحلة.
في هذه الأثناء
كانت الأميرة لؤلؤة تلتصق برداء والدها الملك و
تترجاه باكية ان يصطحبها معه خاصة وان أخيها مرجان سيرافقهم في هذه
الرحلة.
ابتسم الملك ضاحكا وقُبلها على جبينها قائلا :
أعدك بان اصطاد لك أنا ومرجان
غزالا صغيرا يكون
صديقا جديدا لك.
و
افهمها بان رحلة الصيد
تقتصر على
الرجال دون
النساء لما فيها من خشونة ومشقة وتعب .
اصطحبتها المربية
برفق بأمر من الملك إلى داخل القصر و ظلت الأميرة
تبكي متشبثة بذيل رداء والدها الملك إلا أن أصابعها الطرية لم تقوى على التمسك بالثوب لفترات طويلة.
و
مضى الركب برحلته …..
ظلت الأميرة الصغيرة تبكي و تبكي..مما أثار
حنق والدتها عليها و أمرت المربية على الفور أن تذهب بها إلى غرفتها
عقابا لها على
عنادها و
عدم انصياعها للأوامر..
ظلت الأميرة بغرفتها وحيدة تتنهد وتراقب موكب الملك وهو يمضي من نافذة غرفتها..
فجأة توقفت الأميرة لؤلؤة عن البكاء
وطرأت على بالها فكرة بان
تلحق بالموكب خاصة وأنهم لم يبتعدوا كثيرا، بان
تقتفي آثار حوافر الخيول التي تجر عربة الملك و
خيول الحاشية.
وبالفعل
استطاعت أن تتسلل من غرفتها
دون أن تلحظها والدتها الملكة أو مربيتها أو احد من الخدم إلى إسطبل الخيول واستطاعت أن تمتطي فرسها لؤلؤ وتتسلل خارج أسوار القصر
دون أن يلحظها احد من الحراس
لا ن البوابات
ما زالت مفتوحة.
مضت الأميرة لؤلؤة
على ظهر فرسها مقتفية آثار الحوافر التي كانت واضحة وضوح الشمس البازغة في سماء البلاد..
وظلت تسير متتبعة الآثار إلى أن اعتراها التعب الشديد من حرارة الجو
فجذبها صوت خرير المياه النابعة من النهر المنساب على مدخل الغابة فنزلت من على ظهر جوادها وشربت بكفيها الصغيرين ما روى عطشها وغسلت وجهها الصغير بماء النهر البارد لتهُمد الاحمرار الذي علا خديها الناعمين …
استلقت تحت ظلال شجرة كبيرة وعلى نغمات زقزقة العصافير وتضارب أوراق الشجر ونسمات الهواء الباردة الممتزجة برائحة الورود و الأعشاب العطرية
راحت الأميرة في
سبات عميق مستسلمة للنوم
غافلة عن مهمتها باللحاق بآثار حوافر خيول موكب الملك حتى لا تضل الطريق …
فتحت الأميرة الصغيرة عيناها على السماء الزرقاء
فلم تجدها ، لقد
وجدت بساطا
اسودا كبير يزدان بالنجوم اللامعة المتلألئة كتلألؤ دموعها التي راحت تنهمر من عينيها من
شدة خوفها من سكون المكان وظلمته..
بدأت تشعر بالبرد الشديد.
و
تتساءل عن
سبب وجودها في هدا المكان
الموحش وحيدة ؟
لم يخفف من انقباض قلبها الصغير سوى وجود فرسها لؤلؤ بالقرب منها
ظلت
تبكي إلى أن اغرورقت عيناها بالدموع فأثقلت جفنيها الصغيرين واستسلمت للنوم مرة أخرى تحت حوافر لؤلؤ ….
نسجت السماء خيوط الصباح الأولى ، وداعبت أشعة الشمس وجنات وجهها .
ا
ستيقظت الأميرة الصغيرة وألقت تحية الصباح على جوادها لؤلؤ وامتطته عازمة على تتبع حوافر خيول الموكب الملكي الماضي في رحلة الصيد..
ا
نقطع خط سير الموكب
واختفى لان هناك العديد من الحيوانات التي مرت وطبعت أثارها فوق الحوافر.
في هذه اللحظة
دب الرعب من جديد
بقلب الأميرة الصغيرة...
لم تجد أي طريقة سوى
الصياح بعلو صوتها وراحت تنادي على والدها ومرجان وبقية إخوتها … أبي ......مرجان
في
هذه الأثناء كان موكب الملك لا يبعد عن مكان الأميرة الصغيرة سوى بضعة أمتار لان الملك والحاشية كانوا
يأخذون قسطا من الراحة عند ضفاف النهر وكان الأمير مرجان يجلس على حواف ضفته
فجأة سمع صوت مرتجف ضعيف متقطع
ينادي مرجان ! ! !
نهض من مكانه وراح يسترق السمع جيدا
فسمع الصوت مرة أخرى ركض باتجاه والده الملك أبي أبي لقد سمعت صوت لؤلؤة تناديني ، ضحك الملك وكل افراد الحاشية على مرجان ، ربت الملك على كتف صغيره مرجان