ذات يـوم .. قرر والدي إصطحآبي لمسرح
الدمى(الكراكيز) لنقوم بمشاهـدة عرض أؤلئك
الذين يُحاولون بـثّ روح الحياة بقصاصات اوراقٍ
لـ يرسمو الضحكة ويزرعوالسرور على مُحيّا الاطفـال ..
وصلنا لموقع المسرح .. والحشد يملأ المُدرجات لكي
يتأملو ( جاكي ورفاقه ) وهم يُحرّكون تلك القصاصات
الورقية من خلف ذاك المسـرح الخشبي تارةً .. ويتلاعبون
بالدمى المُتدلية من خيـطٍ متين بعض الشئ تارة ..
أعلـن ذاك الكاهل .. بداية المسرحية بعد ما لزمنا
مكانٍ شاغر واخذنا زاوية رؤية لا بأس بها لمتابعة
المسرحية والاستمتـاع بها ..
وها قـد بدأو اولئك الرجـال بتحريك الدمى وضجيج
اصوات الاطفال البريئة قـد كانت ذو لحـنٍ جميل
آنذاك تملؤها الضحكة وصرخات البكاء .. التفت عن
يميني ويساري ولا اجـد سوى اطفالٍ بمثل عمري , فـ ذاك
يربت يـد ابيه المتوسدة جانب الكرسي ويبكي ويقول
" اريدُ بوظا .. أريدُ بوظا " ولم يكن يهتم بما يحدث
على خشبة المسرح .. والاخـر يداهمهُ النُعـاس فـ يغفو
قليلاً ويستفيـق على صوت الاطفال وصفقة الجمهور ..
تابعت مشاهدة ما أتيت لأجله .. وهو مشاهدة تلك الدمى
وكيف آلمني امرها حيث انّها كانت تسقط من يد الرجل
وينحني لإلتقاطها .. وكنت أتأثر بركنها جانباً ملتوية
اليدين والرجلين .. مرّت ساعة تقريباً ولم نُبارح المكان
إلى انّ شعرنا بالمـلل من تكرار سيناريو حركاتهم .. وحينها
قررنا الرحيـل عائديَن لمنزلنا .
"
"
"
طَـوت الايام صفحاتها إلى انّ كبُـرت وعـدّاد ايامي إزداد
بالشئ الكثير .. اصبحت بنظر من إصطحبني لمسرح الدمى
عاقلاً فاهماً فـ تركني بمسرح الواقع وحيداً اشاهد الاحداث
بنظرتي , لأمعن البصر حولها وأتعمّق بالفكر حولها ..
"
"
"
في السابق كُنتُ قد ذهبت لمسرح الدمى الذي يقبع بآخر
الشارع .. وامّا مسرح الواقع كان يحتويني ويحتوي الغير
نعيش في دهاليز مواقفه ولا نقف في الطابور لكيّ نقتّص
التذكرة بل مُجريات احداثه لا تستوجب تلك الوريقات
المختومة بسعرٍ مُعين ومعنونة بإسم المسرحية ومُمثليـها ..
إستوقفني ذلك المشهد الذي دارَ من حولي أُناسٌ كما لو أنّهم
مثل ( جاكي ورفاقه ) وبرفقتهم من هم اشبه بتلـك الدمى
الصغيرة .. يُحرّكونهم كيفما ارادو بدون خيـطٍ او عصـا
خشبيـة .. بل باقاويلهم وافكارهم المُتشبّعة بالنفاق و
مصلحة الذات ..
إستمر ذاك المشهد امامي مع الاستياء الشديد الذي إعتراني
حول رجلٍ كان يقف مع اولئك المنافقون المخادعون .. يقولون
له قولاً دون بيان فـ اراه يعمل به .. يُصفقون له على خطاٍ
إرتكبه فـ يبتسم وكأنّه على درايةٍ .. إن ارادوه انّ يقوم
بفعلٍ سيئ غسلوا عقله بمزيجٍ من تلك العبارات التي يراها
مديحاً لشهامته وإستئساده ..أحزنّي كثيراً بعدما قام بما
ارادوه منه .. فقـد جعلوه واجهة للاخطاء ..!!
يستمر المشهد ومتابعتي له تستمر .. وذاك الدمية لا زال
عالقاً بين خيوط افكارهم السيئة وتصرفاتهم المشينة .. فصل
آخر من تلك المسرحية الحقيقية بالممثلين والدمى و متابعة
اللعـب بذاك الجسد بواسطة زيف الحديث وهوَ مُنقاداً لهم جاهلاً
حقيقة امرهم .. يجعلون ارواحهم الخبيثة تسكن روحه لكي يتقمّص
شخصياتهم بدون علمه .. ليفعلو ما يريدون من عبثٍ ونشـرٍ للفساد
في المجتمع باراءٍ هم اصحابها وهو فاعلها ..
سئمت تلك المسرحية فلم اشعر بلحظاتٍ من الملل كما شعرت بمسرح
الدمى .. بل يقيني بأنّ ما يدور امامي يحـدث مرارًاً لمن
جعل من حوله يتلاعب به كالدمية بتلك الافكار الخبيثة و
المقاصد السيئة .. فـقررت الرحيل بعيداً سائلاً المولى
أنّ يحميني منهم ...!!
:: ::
للأسف أحبتي هذا الامر نتعايش معه بواقعنا قد شاهده
البعض وقد لم يشاهده البعض الاخـر ..
اشخاص يجعلون من غيرهم دمـى يتـلاعبون بهم متى ما
ارادو مُـدّعين انهم يُودّونهم ويحبونهم .. وحقيقة
الامر انهم يُمارسون سيل الاخطاء بهم مُعتبرينهم سحابة
تُخفيهم عن من يقع ضحية لتلك الاخطاء ...!!
لذلك صوّرت مشهد البراءة بمسرح الدمى ممزوجاً بمشهد
النفاق بمسرح الواقع ونتجـت تلك الاحرف علّها تصـل بإذن الله
لقلوبكم اولاً ومن ثم عقولكم .. وأولاً وأخيراً :-
... لا تكـن دميـة يتلاعب بك غيرك بافكاره بـل كُـن انت
حاذراً منهم متّقي شرهـم وإمضِ بطريق حياتك واثقاً بنفسك وقراراتك ...