هو المحمود الممدوح بكل لسان
وهو المحمود على كل حال ، إذ لا يُحمد على مكروه سواه
ولذا فإن ربك يُحب المدح ، ويُحب أن يُثنى عليه
قال عليه الصلاة والسلام :
(ولا شخص أحب إليه المدحة من الله ، من أجل ذلك وعد الله الجنة ).
( ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، فلذلك مدح نفسه ).
ربنا المحمود ، ولذا حمِد نفسه بنفسه ، فقال :
( الْحَمْـدُ لِلّهِ ) وصُدّرت بها بعض سور الكتاب العزيز .
والمحمود هو مستحق مطلق الحمد والشكر
( وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )
والحميد يُحب أن يُحمد بأنواع المحامد القولية والفعلية ، ولذا لما قال سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ ) ختم الآية بقوله
( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .
وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال :
( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا )
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
وبالحمد للحميد لهج الأنبياء
( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء )
( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ )
بل لهَجَت به الملائكة الكرام
( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
ومن أجل ذلك يلهج أهل الجنة بالحمد للحميد
( وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ )
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ )
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )
فربنا جل جلاله يُحب أن يُحمد فهو الحميد
في الحديث القدسي " فإذا قال العبد :
( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى : (حمدني عبدي ) . رواه مسلم .
إذا رفع المصلي رأسه من الركوع
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوما يُصلي إذ جاء رجل قد حَـفَزه النَّـفس ، فصلّى وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده . قال الرجل : ربنا ولك الحمد حمداً طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال ( من المتكلم ؟ ) قال : أنا . قال :
(رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول) . رواه البخاري .
وابتدرها بضعة وثلاثون ملكا بعـدد حروفها !
بل إن الصلاة - وإن كانت كلها حمد وشكر – إلا أنها تُفتتح بالحمد وتُختتم به
تأمل قول المصلي في أشهر صيغ الاستفتاح :
" سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك "
ثم يختم صلاته بقوله في الصلاة الإبراهيمية :
فيفتتح صلاته بحمد ربه وتمجيده ، ويختتم صلاته بمثل ذلك .
إذا قام إلى صلاة التهجد حـمِــد الله
قال ابن عباس رضي الله عنهما :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال :
( اللهم لك الحمد ؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قـيّـم السماوات والأرض ومن فيهن ).. الحديث . متفق عليه .
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح خُطبه بالحمـد
عند الفراغ من الطعام والشراب
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال :
( الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوّغه وجعل له مخرجا ). رواه أبو داود .
وكان إذا رفع مائدته قال :
( الحمد لله كثيرا طيبا مباركا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا ).
وعند النوم ، وعند القيام من النوم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال :
( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فَـكَـمْ ممن لا كافي له ولا مؤوي ). رواه مسلم .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده اليمنى ثم يقول : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت . فإذا استيقظ من الليل قال : (الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور ). رواه الإمام أحمد .
وعند مسلم : كان إذا أخذ مضجعه قال :
(اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أكل طعاما ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ). رواه أبو داود ، وهو في صحيح الجامع .
وعند ركوب الدابة أو السيارة
عن علي بن ربيعة قال : شهدت علياً رضي الله عنه أُتي بدابة ليركبها ، فلما وضع رجله في الركاب قال :
(بسم الله ) ثلاثا ، فلما استوى على ظهرها قال ( الحمد لله )، ثم قال ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )، ثم قال : (الحمد لله )ثلاثا ، (والله أكبر )ثلاثا .( سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) ، ثم ضحك . قلت : من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ، ثم ضحك فقلت : من أي شيء ضحكت يا رسول الله ؟ قال :
( إن ربك ليعجب من عبده إذا قال : رب اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ). رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يُحب قال :
( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال ) . رواه ابن ماجه .
قال عليه الصلاة والسلام :
( ما أنعم الله على عبد نعمة فقال : الحمد لله ؛ إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ ) . رواه ابن ماجه .
" من رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لم يصبه ذلك البلاء " رواه الترمذي .
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له :
( أسلم ) . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم مات . فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول :
( الحمد لله الذي أنقذه من النار ). رواه البخاري .
قال عليه الصلاة والسلام :
(إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع . فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسمُّوه بيت الحمد ). رواه الإمام أحمد والترمذي .
وأعظم مواطن الحمد ما يكون في المقام المحمود
وأعظم مواطن الحمد يوم العرض الأكبر حينما يقوم نبينا صلى الله عليه وسلم فينطرح بين يدي مولاه ، ويقوم في المقام المحمود فيحمده بمحامد كثيرة .
قال عليه الصلاة والسلام :
( فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن ، يُلهمنيه الله ، ثم أخرّ له ساجدا ، فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يُسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ) . متفق عليه .
وإذا دخل آخر أهل الجنة الجنة تدخل على الرجل زوجتاه من الحور العين فتقولان : (الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك ). رواه مسلم .
فاحرص – رحمك الله – على حمد مولاك فرب حَمْدٍ على شربة أو أكلة يكتب الله لك بها الرضا إلى يوم تلقاه .
قال عليه الصلاة والسلام :
(إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها .) رواه مسلم .
هذا ما تيسرت كتابته حول اسم الحميد ، ومواطن الحمد .
وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى
https://saaid.net/Doat/assuhaim/124.htm